«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تعتبر احتفالية (القرقيعان) من أهم الاحتفاليات التي تحرص عليها الأسر والعائلات في الأحساء والخليج ولم تكن لسنوات قريبة ماضية منتشرة هذه الاحتفالية كثيرًا في المملكة اللهم في المنطقة الشرقية. لكن مع الاهتمام بالتاريخ والتراث. بات احتفالية (القرقيعان) من ضمن الفعاليات التي تضاف في برامج إحياء التراث والعادات الشعبية والتاريخية في المملكة. والقرقيعان عادة يقام في شهر رمضان المبارك وبالتحديد في ليلة منتصف الشهر حيث تقوم الأسر وفي أيام سابقة من رمضان المبارك بشراء المكسرات والحلويات وحتى تجهيز النقود ووضعها في أكياس قماشية مخاطة يدويا. لتوزيعها على مجموعة الأطفال الذين يجوبون الطرقات والفرجان بعد وقت قصير من ساعة الإفطار. بعد أن تتم عملية تجمعهم أمام أحد البيوت الرئيسة أو بيت كبير العائلة ومن ثم يتجهون إلى البيوت طارقين عليها وهم يرددون أنشودة (القرقيعان) وعندما تمنحهم سيدة البيت أو إحدى بناتها ما تتكرم به وهي تبتسم لهم وتداعبهم وحتى تسألهم عن أمهاتهم ومن ثم يردون عليها بالشكر وترديد أنشودة القرقيعان التي تقول كلماتها:
قرقع قرقع قرقيعان, أم قصير ورميضان
عطونا الله يعطيكم, بيت مكة يوديكم
قرقيعان وقرقيعان عطونا الله يعطيكم
عطونا من مال الله يسلم لكم عبد الله
قرقيعان وقرقيعان بين قصير ورميضان
عادة عليكم صيام كل سنة وكل عام
يالله تسلم ولدهم يالله خله لأمه يالله
يا الله عسى البقعه ما تخمه
ولا تواسي على امه
والجميل أن الأطفال الأولاد مع البنات عادة مايلبسون أفضل ما لديهم من ملابس حاملين على أكتافهم أكياسهم التي سوف يضعون فيها ما تجود به الأسر عليهم. ويا ويل البيت الذي لا يقدم لهم شيئًا فهناك عبارت ساخرة سوف يرددونها وهم ينظرون شزراء لأهله أو على الأقل لبابهم الذي لم يفتحوه لهم على مصراعيه. وهم يرددون كلمات ساخرة مفعمة بالتوبيخ لعدم منحهم القرقيعان..!
وكلمة (القرقيعان) كانت لغويا مأخوذة من «قرة العين» في هذا الشهر الكريم فالقرة هي الابتداء ومع الأيام باتت تنطق (قرقيعان) وبحسب ما هو معروف وسائد في الخليج هناك من اعتبرها الأشياء الممزوجة أو المختلطة معا (خليط) بحكم كونها تشكل مجموعة مختلفة من الحلويات والمكسرات المتنوعة حتى العلكة وبعض قطع النقود.. وكانت في الماضي وقبل انتشار الأقمشة وسهولة الحصول عليها كان يوضع القرقيعان في قفف أو سلال صغيرة مصنوعة يدويا من سعف النخيل. لكن مع التطور والازدهار في كل شيء في هذه الحياة باتت توجد في المدن الخليجية محلات ومتاجر متخصصة في بيع كل ما من شأنه يوفر لاحتفالية (القرقيعان) احتياجاتها من سلال أو حقائب أو أكياس تحمل رسومًا شعبية وزخارف تراثية وبعض كلمات وأهازيج القرقيعان.. وعادة تقوم بعض الجمعيات التي تعنى بالشأن الاجتماعي في تنظيم احتفالية للقرقيعان تخليدًا لهذه الاحتفالية التراثية المتميزة! بأن بعض الأسر الثرية والميسورة في المجتمع بالأحساء والشرقية تقوم كل عام بتنظيم احتفالية خاصة بالقرقيعان تجمع فيها أطفال الأسرة ومعارف أطفالهم وحتى زملائهم وزميلاتهم في الروضة أو الصفوف الابتدائية الأول. مع أمهاتهم وأخواتهم.