م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. يتفق المتخصصون على أن ثاني أكبر معضلة تواجهها الجمعيات الخيرية هي تنمية مواردها المالية للإنفاق على أعمالها.. أما أكبر معضلة فهي إدارة تلك الموارد بحيث لا تستهلكها كلها في الأعمال الإدارية والتشغيلية ولا يبقى منها لفعل الخير سوى العُشْر أو أقل كما هو منشور في بعض الدراسات عن الجمعيات الخيرية.
2. تاريخياً استندت الجمعيات الخيرية في تنمية مواردها على العاطفة وتأثير الخطاب الديني.. لذلك تزيد الموارد أو تنحسر وفق ظروف الاقتصاد والأحداث الإنسانية والسياسية والمواسم الدينية.. واليوم الخطاب العاطفي وحده لن يكفي لتمويل القطاع الثالث من قطاعات التنمية كما يفترض في دولة حديثة.. وهو حالياً لا يمثل شيئاً في اقتصاد المملكة.. والقائمون على تنمية موارد الجمعيات الخيرية يجب أن ينظروا إلى المتبرعين المحترفين.. وأقصد بهم إدارات المسؤولية الاجتماعية في المنشآت الاقتصادية والمؤسسات الوقفية.. ونحن بلد اقتصاده قوي وروح المسؤولية الاجتماعية فيه عالية.. فكيف نجعل من المتبرعين المحترفين أحد مواردنا المستهدفة؟
3. لو سألنا المعطي: لماذا تعطي؟.. لوجدنا أنماطاً عدة بعضها عن قناعة وتفكير عميق وأخرى أتت دون تخطيط.. بعضها مستدام وبعضها منقطع لأنه محض صدفة.. بعضها لسد نقص وبعضها استجابة لموعظة دينية.. بعضها محفزاته داخلية وبعضها خارجية.. لكن دعونا نعود إلى سؤالنا: ما الذي يبحث عنه المتبرع حتى يتبرع؟
4. المتبرع المحترف - وهم مُمَثَّلون في المؤسسات الاقتصادية من باب المسؤولية المجتمعية - فهؤلاء غالباً يبحثون عن الحلول التنموية التي لها صفة الاستدامة.. والذي يدفعهم ليس عاطفة جياشة بل قرار إداري تنظيمي بحت له إستراتيجية فيها أهداف وغايات.
5. المتبرع المحترف يبحث عن التأثير الحقيقي على أرض الواقع للجمعية.. كما يبحث عن التأثير المباشر لتبرعه هو.. وفي الغالب يتجه اتجاهاً واحداً محدداً.. فتجده يدعم الخدمات الصحية أو التعليمية أو البيئة أو الرياضة أو الترفيه.. وحتى لو كان تبرعه قليلاً لكنه دائم وينطلق من فهم عميق وتجده حريصاً على المتابعة.. أما المتبرع غير المحترف فتبرعه منقطع حتى لو كان كبيراً وينطلق من محفز خارجي وبفهم سطحي وبلا متابعة.
6. المتبرع المحترف يبحث عن الجمعية التي لها إستراتيجية واضحة وأهداف محددة وتُعْنَى بشريحة بعينها.. فلا شيء يخيف المتبرع المحترف أكثر من الشغف المندفع دون خطة أو أهداف أو شرائح مستهدفة.. كما أنه يريد علاقة طويلة مستدامة في أعمال نتائجها مقاسة ولها تأثير مجتمعي أو مهني مفيد للمحيط.
7. المتبرع المحترف يذهب تبرعه للعمل الخيري المطلق.. لا ينحاز لمنطقة أو مذهب أو فكر.