رمضان جريدي العنزي
قناة الجزيرة.. أعلمي بأنني أتابع بعض برامجك منذ إنشائك بين فينة وأخرى كلما سمح لي الوقت والرغبة والمزاج، ليس رغبة جامحة، ولا هواية راكضة، بقدر ما هو حب استطلاع واستنباط واستكشاف، فكثيرًا ما أصابتني برامجك بالحيرة مرارًا وتكرارًا، فحتى هذه اللحظة لم أتوصل إلى تحديد نوع رسالتك الإعلامية وهدفها وغايتها وتوجهها، ونوع تفكيرك ومرادك وتطلعك ومبتغاك، فالرمادية الداكنة التي تحف بك وبإستراتيجيتك ورؤيتك، وشهوة العبث والخراب والدمار عندك، هي التي تسيجك بسياج حديدي وتكبلك بأقفال عالية الجودة، لا تستطيعين الفكاك منها، لم أعد أميز هذه القناة المشبوهة هل هي قناة كوميديا؟ أم تراجيديا؟، فالبعض غيري أصر على اعتبارها كوميديًا من النوع الثقيل الطينة، فيما عدّها آخرون تراجيديا تصيب مشاهديها وسامعيها بأمراض الكآبة والشرود والمآسي والهموم، ولأنني متأكَّد من أنها لن تستقر على حال أو مآل كما هي عادتها، فلن تترك أسلوبها وثعلبتها وحرباوتها وعقربتها وتبديل جلدها ولغتها وأسلوبها كلما اقتضت حاجتها وفرغ رصيدها وقرب إفلاسها ووهن دخلها وشاب مفرقها، يضحكني جدًا أنها تحاول أن تجعل نفسها جزءًا من الأحداث على طريقة بعض المسلسلات التي ترفع شعار «ما يحدث في الدراما يمثل الواقع بحذافيره»! ولهذا نراها تريد أن تكون بطلاً شهيرًا يخرج كل يوم إلى الناس ليذكرهم ألا خيار أمامهم سوى التسمر أمام شاشات التلفزيون لمتابعتة مقاطعه الكوميدية الهزيلة، وفق حوار فج لا يخلو من حقد دفين مقيت، وجحود يشبه جحود الضبعة لأم عامر، طبعًا مع إصرار هذه القناة على الكذب والبهتان والزيف والتزوير، ولأنها تعتقد أن لديها مشاهدين ومستمعين ومتابعين، فإنها تتحفنا بين الحين والآخر بمشهد درامي مثير وفق لغة ركيكة، ورسالة ليست بالغة، وهدف غير مضمون، ففي كل يوم تخرج علينا بهيكل جديد، ولغة جديدة، وتوجه جديد، وحلة جديدة، تالية علينا بيانًا غير مفهوم، وليس به مضمون، ويعلوه غبار، موجهة لنا التهم، ومكيلة علينا المفردات المبطنة والعبارات المرمزة، لقد أنكشف ستارها، وستار من يديرها، وبانت خفاياها وعيوبها ورداءة توجهها، وهي التي كنا نضع عليها ألف علامة استفهام منذ برامجها الطائفية والعنصرية والحزبية البغيضة، التي أججت المشاعر، ونبشت القبور، وأحيت الموتى، وأيقظت الفتنة، ودمرت البلدان، وهو الأمر الذي لن نسكت عليه أو نتجاهله مره أخرى، طبعًا من يسمع أو يقرأ تريحاتها أو تعليقاتها أو تغريداتها يحتاج لقدرة هائلة على تمالك أعصابه قبل أن يلج في موجة من الضحك، فهي ومنذ إنشائها تعترض طريقنا وحياتنا وقادتنا وشؤوننا بشكل بغيض ونافر وبعيدًا عن النقد الهادف البناء، لقد صمتنا عليها وأمثالها طويلاً، لكننا ومنذ الآن سنحاصرها ومن يديرها من المشبوهين المرتزقة في كل مكان يوجدون فيه، وسنهب واقفين على أقدامنا متخذين قرارًا بعدم فسح المجال لهؤلاء المخربين الحاقدين النفعيين جراء المال، ولن نبقى بعد الآن صامتين، في الوقت الذي تواجه فيه بلادنا أكبر هجمة إعلامية عدائية في التاريخ الحديث تستهدف كياننا وقادتنا ووجودنا ومستقبلنا وأطفالنا ومجتمعنا وتاريخنا النبيل، وخصوصًا من الذين أرضعناهم حليبًا مدرارًا، وأمددناهم بموائد الخير الكبيرة حتى شبعوا، ثم شبوا عن الطوق، لينحوا طريق العداوة ضدنا بشكل هيستيري مجنون لا حدود له، ترى ما الذي ستقوله الجزيرة بعد أن أكتشفنا حقيقتها وسوداوية مقصدها، هل ستخبرنا بأنها كانت جزءًا من عبثيين تصدروا المشهد العبثي وحاولوا أن يخطفوا منا حلمنا وطموحنا ومستقبلنا؟ هل ستقول لنا ومعها ثلة من العبثيين والحزبيين والقومجيين والأفاكين كيف مارسوا أقسى أنواع التحريض ضدنا، حين أصروا جميعًا على الكذب والعبث والفجور؟ ولم يفلحوا ولن يفلحوا، هل ستخبرنا بأنها شريك في مجموعة تضحك على الناس بشعارات مضللة، ونظريات واهية، وشعارات زائفة؟ هل ستخبرنا بأنها مثل معظم العبثيين يعانون من مرض الانفصال عن الواقع والحقيقة؟ ومثل الذباب والضفادع نقًا وطنينًا؟ إنني أعلم سلفًا أن هذه القناة العبثية مثل بقية الجوقة التخريبية لا تعترف بالفشل ولا تعتذر عن الخطأ، لكن دعوني أسالها سؤالاً بريئًا، كم ربحت من تقلبها وتلونها وتبدلها؟ وقبل أن تسارع لاتهامي بالوقوف ضد طموحها، دعني أسألها أيضاُ: أيهما أفضل للعاملين الغرباء بها، أن ينشغلوا بملفات بلدانهم الأصلية المتشعبة الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإنسانية والحقوقية أم بملفات غير بلدانهم الذي لا ينتمون إليها لا عرقًا ولا أصلاً ولا فصلاً ولا دمًا؟ في الأخير تأكدي أيها القناة التي يعلوها الغبار، أن ما جرى منك مجرد كوميديا لكنها غير لطيفة، وتراجيديا غير نظيفة لكنها بغيضة؟ أما نحن السعوديين الأحرار فتأكدي بأننا سوف نضحك عليك بلا حد ولا عد ولا سقف، حينما يغلقون أبوابك ونوافذك، ويمنعون عنك الماء والشمس والواء، ويرمون محرريك ومراسليك ومعدي تقاريرك في الخلاء عارين إلا من ورقة توت صغير، إن الذين اتخذوك ألعوبة طرية في مسارح سيركهم الضيق الغبي حتماَ سيلفظونك بقوة عندما تحاصرهم الذئاب، والنسور والصقور الجارحة.