قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ....} صدق الله العلي العظيم، وكل من على هذه الدنيا فان ويبقى وجه الكريم.
الموت مصيبة ولا نقول إلا ما قاله الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} في فجر يوم السبت الموافق 17-8-1438هـ ودعت محافظة البدائع الوالد سليمان بن إبراهيم المبايع (رحمه الله)، يقال: رب أخ لك لم تلده أمك، وكلما تذكرت هذه المقولة تذكرت عددا من الأحباب والاخوان فعلا لم تلدهم والدتي رحمها الله، ومنهم أبناء فقيدنا جميعا الوالد سليمان المبايع أبو خالد، ولذلك كنت لا أنقطع عن أبي خالد كثيراً، وخصوصاً في المناسبات، أريد أن تذكر موقفا واحدا صدر من أبي خالد منذ الطفولة وهو يرفع صوته أو يزجر أو يتذمر، وخصوصاً حينما كنا أطفالاً فلم أجد ولن يجد غيري ذلك، بل لا يغضب أحد يسمعك أجمل الكلمات، يملك مدرسة في التربية الحديثة، سبق غيره وخالف الكثير في عصره وكان التميز له، في طريقة التعامل مع أبنائه وبناته ومع الأطفال والمراهقين، تقرب منهم وأصبح يتعامل مع الأطفال بدور الأب الحنون ومع المراهقين والشباب دور الأخ المستشار الموجه الذي يقبل الرأي والرأي الآخر، عمل في وظيفة حكومية عشرات السنوات حتى تقاعده، فكان مثالا في الإخلاص وفي التعامل مع المراجعين بكل مهارة واقتدار، متبع ما قاله عليه السلام (أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
حينما تسأل عن أبي خالد قبل وبعد كل صلاة سوف تجده في روضة المسجد لسانه رطب بذكر الله وبين يديه المصحف وكان يختمه كل بضعة أيام، والدتي أم خالد وإخواني وأخواتي أبناؤه الكرام فقدنا أبو خالد الكبير في أخلاقه، ورحيله صعب على جميع من عرفه، وعرف قلبه الصافي الطاهر الصابر المحتسب على ما أصابه من الأمراض خلال هذه السنوات الطويلة، وعزاؤنا الوحيد في رحيله أنه بإذن الله من أهل الخير، وكان مضرب مثل في الأخلاق الحميدة يشهد له كل من عرفه.
قال عليه السلام (... أنتم شهداء الله في أرضه) تشهد له روضة مسجده بحبه إلى العبادة والصلاة وذكر الله تعالى، العزاء إلى زوجته الوالدة أم خالد التي كانت الزوجة الصابرة المحتسبة الواقفة مع زوجها في أشد الظروف وإلى أبنائه: الأستاذ فهد وعبدالله وعادل وماجد وخالد وسلطان، وإلى الأخوات بناته الكريمات وإلى أسرة المبايع عموما في السعودية والكويت، وكل تأكيد أن ذريته المباركة سوف تستمر بالبر به بعد مماته كما كانوا مضرب المثل في البر في حياته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه السلام قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم.
والمرء بالأخلاق يسمو ذكره
وبها يفضل في الورى ويوقر
** **
خالد بن عبدالرحمن بن زيد العامر - البدائع