خالد بن حمد المالك
هي يد الشيخ تميم التي صافح بها الإرهابيين، واحتضن نشاطهم وموله، ودافع عنهم، ورفض أن يفك الارتباط عنهم، متعاوناً ومشجعاً على فتح أبواب الدوحة للعناصر الإرهابية التي شكلت خطراً على أمن دولنا، دون أن يصغي لأصوات الحكمة والعقل، أصوات الأشقاء قادة دول مجلس التعاون، إلى أن وجد نفسه فيما هو عليه الآن من قطع لعلاقات بلاده مع سبع دول عربية وخليجية وإسلامية، هي المملكة والإمارات والبحرين ومصر واليمن وليبيا والمالديف.
* *
نعم يد الشيخ تميم أو والده الشيخ حمد - لا فرق - هي من جنت على قطر الدولة، والشعب، بانتظار المجهول، بينما كان يمكن أن تُنقذ قطر لو أن أميرها قبل بالوساطة الكويتية، وأذعن لشروط الدول الشقيقة، طالما أنه لم يؤكد بالبراهين براءته مما يتهم به من إيواء للإرهاب، ودعم للإرهابيين، وعمل يتبناه لاستهدف أمن واستقرار هذه الدول.
* *
ماذا بقي لهذه اليد كي تواجه آثار قطع علاقات هذه الدول مع قطر، وماذا لديها لتحمي نفسها من التفاصيل التي ذكرتها بيانات المملكة والإمارات والبحرين ومصر، غير النياح، والبكاء، والقول الكاذب بأنه لا علاقة لقطر بأي من العمليات الإرهابية في أي من الدول الأربع التي أعلنت عن قطع علاقاتها بقطر، وكيف لها أن تواجه هذه الضربة الموجعة إلا بمحاولة زيادة التنسيق والتعاون مع إيران والإخوان المسلمين والمنظمات الأخرى الإرهابية نكاية بالدول الشقيقة التي ظلت أبوابها مفتوحة للحوار تجنباً لقطع العلاقات مع شقيقة صغرى هي قطر.
* *
لا بأس أن يكون تعاطي الدول الأربع مع السلوك القطري بهذه الحدة وهذه القوة، وأن يتم التصعيد إلى درجة إنهاء أي علاقة مع قطر، بعد أن فشلت كل محاولات الوسطاء لثنيها عن ممارسة هذا الدور الخطير، وفي المقابل عدم اقتناع الشيخ تميم بأن اللعب بالنار يقابله ما هو أكثر تأثيراً على مستقبل قطر، وها هو الشيخ تميم ووالده الشيخ حمد، وها هي قطر، يواجهون المصير الصعب الذي كنا نؤكد عليه، وتخوفهم منه، بأمل ألا نصل إلى هذا الخيار الذي لم يكن هو أحد أولويات دولنا.
* *
إنها جناية (تميمية) على قطر، وحماقة يسأل عنها أمير دولة قطر، وعناد غير مبرر أمام الصورة المخادعة لمواجهة الموقف الخليجي المتضامن ضد المؤامرة الثلاثية المشكلة من إيران وقطر والإخوان المسلمين، بحيث لم يعد الأمير الشاب ينظر إلى علاقة الدوحة بالإرهاب إلا أنها وجه حسن يخدم مصالح قطر، ويجعل من الدول الشقيقة في موقف الضعيف أمام هذا التنظيم الإرهابي الخطير.
* *
الآن وقطر تمر بهذه الأزمة المدوية التي لا سابق لها في التعامل بين دول الخليج العربي، ما الذي سوف تفعله قطر أمام إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع النقل القطري من العبور عبر الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية والبحرينية والإماراتية والمصرية، وهو ما يعني خنق قطر براً وبحراً وجواً، وهي الدولة التي ليس لها منفذاً برياً إلا من الأراضي السعودية، وسيكلفها الكثير عدم استخدام أجواء الدول الأربع التي قطعت علاقاتها بقطر، ومثل ذلك عدم استخدامها للمياه الإقليمية لهذه الدولة.
* *
الخيارات أمام دولة قطر تبدو بوضوح محدودة جداً، إذ إن خيارها الوحيد أن تصعد من عملياتها الإرهابية، أن ترتمي أكثر في أحضان إيران، أن توسع علاقاتها بالإخوان المسلمين وحماس وحزب الله وداعش والحوثيين، وكل هذه لها حساباتها لدى الدول الشقيقة، وسوف تتعامل معها بقوة وحزم وحسم، إذا ما شكل ذلك ضرباً للاستقرار في دول المنطقة، أو أثر على أمنها الوطني، أو شكلت قطر محاضن ينمو فيها الإرهاب والتطرف.
* *
لقد شكلت بيانات قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر ضربة موجعة للدوحة، وأسقط بيد أميرها ووالده، فقد شملت البيانات عن قطع العلاقات تفاصيل كثيرة ومهمة وخطيرة لا حيلة لقطر بأن تتجاوزها، ما يعني أن قطر ليس أمامها إلا أن تتجه إلى الانتحار، وكأنها تتصرف بجنون، أو أنها لا تدرك ولا تعي ما يدبره لها من تأويهم من العملاء والإرهابيين، وكأنها لا تفهم شيئاً عن سعي هؤلاء لجعل هذه الدولة الصغيرة تواجه مصيرها بهذه العواصف المدمرة باعتباره قدرها المحتوم.
* *
حسناً، هل نلوم الدول الأربع التي قطعت علاقاتها مع قطر وهي المملكة والإمارات والبحرين ومصر، وقد انضم إليها لاحقاً اليمن وليبيا والمالديف، وربما هناك دول أخرى في الطريق لقطع علاقاتها مع هذه الدولة الخطيرة إرهابياً، أقول: إن اللوم يقع على قطر لا على الدول الأخرى، وتحديداً فإن اللوم يقع على أميرها ووالده والجوقة المحيطة بهما، لأسباب وردت في البيانات التي صدرت عن الدول الأربع، وكلها مبررات وأسباب اقتضت الضرورة في أن تأخذ الدول كل هذه القرارات الصعبة لحماية أمنها.
* *
وإنه لشيء يثير الانتباه والألم معاً، بأن تتحمل دولة صغيرة كقطر كل هذه الجناية على مصالحها، بممارسة كل هذه الانتهاكات الجسيمة سراً وعلناً بهدف شق الصف الداخلي للمملكة وشقيقاتها، والتحريض للخروج على هذه الدول، باحتضانها لجماعات إرهابية وطائفية تستهدف ضرب الاستقرار في المملكة ودول المنطقة الأخرى، فضلاً عن قيامها بالترويج للإرهابيين المدعومين من إيران في القطيف، بما لا يمكن تفسيره، إلا أنه عمل جبان لا تقوم به إلا دولة معادية، وأشخاص معادون، الأمر الذي لم تستطع المملكة وبقية الدولة تحمله والتكتم عليه، والصبر على أضراره، وبالتالي السماح باستمراره.
* *
نعم يسؤونا أن تصل العلاقة مع قطر إلى ما وصلت إليه، وأن تكون بهذا المستوى الصادم الذي لم يسبق أن شهد التاريخ مثله في علاقات الدوحة مع جيرانها، ولكن (إذا لم يكن غير الآسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها). وهذا ينطبق على قطر المشاغبة، التي أبت واستكبرت، واعتقدت أنها في المكان الأقوى، فإذا بها أمام هذه الضربة الموجعة قد ضيعت فرصة كانت أمامها للخروج من هذا المأزق.
* *
أسألكم يا أهلنا في قطر، أليس أمير البلاد هو من اختار السير والقبول بهذه الخيارات التي تضمنتها البيانات بقطع العلاقات معها، وبالتالي وقف وسائل النقل من وإلى دولة قطر، والتأكيد على رفض قبول ترويج الدوحة لأدبيات ومخططات الجماعات الإرهابية التي تقيم في الأراضي القطرية، وتتمتع بالدعم المالي والإعلامي، وكذا رفض التنسيق القطري مع إيران لدعم كل نشاط إرهابي تتبناه، مع ما يلحقه ذلك من ضرر بالغ على وحدة المملكة تحديداً وباقي الدول، ولا أدري كيف ستعمل قطر لتتجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها، بعد أن تم تطويقها بقرارات وإجراءات سوف تمنع الإرهابيين من ممارسة ما كانوا يقومون به من إرهاب ضد دولنا بدعم من إيران.
* *
ومع أن لكل دولة من الدول التي قطعت علاقاتها بقطر أسبابها ومبرراتها، إلا أن القاسم المشترك الذي يجمع بين هذه الدول في الأخذ بهذه القرارات هو تأذيها جميعاً من إرهاب من يقيمون بقطر، الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة وغيرها، وكذلك تعاون الدوحة مع طهران لشق الصف الوطني في دول الخليج، ونشر الفوضى وعدم الاستقرار، وضرب الوحدة الوطنية لكل دولة، في تصرف قطري غير مسؤول، تغريها في ذلك القوى المعادية لأمتنا ودولنا.
* *
وبالقدر الذي لا يسعدنا أن تكون هناك خلافات بين الدول العربية، فضلاً عن الدول الخليجية، ولا أن تصل الأمور إلى مرحلة قطع العلاقات فيما بينها في ظل غياب الحوار، فقد أسعدتنا البيانات بقطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وذلك لوضع حد للإرهاب والعنف الذي تصدره قطر ويمول منها، ويوجه لدولنا، رغم ادعاء الدوحة بأنه مختلق وغير صحيح.