يوسف المحيميد
كثير من الناس ينتقدون فكرة المسلسلات والبرامج الرمضانية، ويرددون بأن هذا الشهر هو شهر عبادة وطاعة، وهذه الشاشات تسرق الوقت والقلب، لكنهم مع ذلك يشاهدون بعض المسلسلات والبرامج بين الفينة والأخرى، بل يحرصون على بعض هذه البرامج، بالذات التي يتم عرضها في الأوقات الذهبية، خاصة فترتي الإفطار والسحر، فهما الوقتان اللذان تجتمع فيهما الأسرة حول مائدة رمضانية.
معظم هذه المسلسلات، كالعادة، لم تمنح عملها الوقت الكافي من التحضير والتجهيز، لذلك جاءت معظمها سريعة ومرتجلة، بالذات على مستوى النص، والمعالجة الدرامية، وراهنت على سرق الابتسامة من المشاهدين، حتى لو بطريقة ممجوجة ورخيصة، وهذا لا يضيف شيئًا سواء للدراما الخليجية أو للممثلين أنفسهم.
معظم هذه المسلسلات بطيئة الإيقاع، لا تخلو من المشاكل الفنية الإخراجية، فهناك كثير من التكرار في الحوار، وثبات في الكاميرا، ومشاهد طويلة جدًا يمكن اختزالها في دقائق معدودة، وتصوير في مكان مغلق واحد، بالتركيز على تصوير الأماكن الداخلية، ويزداد الأمر سوءاً في المسلسلات البدوية، خاصة على مستوى الملابس والزينة وغيرها مما يخرج العمل من الروح والمصداقية التي يفترض وجودها، فيصبح عملاً درامياً متواضعًا كاريكاتوريا، يثير استهجان المشاهد وسأمه.
ومع ذلك يمكن للمشاهد أن يلتقط برنامجًا هنا أو هناك، فعلى سبيل المثال، برنامج «الراحل» من إعداد وتقديم الإعلامي محمد الخميسي هو برنامج مكتمل العناصر، هناك عمل جاد، وضيوف تَرَكُوا أثرًا مهماً في حياتنا ووطننا، مقاطع جديدة من حياتهم لم تبث أحيانًا، اختيار ضيوف مساندين جيدين للحديث عن الراحلين، وكذلك برنامج «من الصفر» للإعلامي مفيد النويصر، كان موفقًا في معظم اختياراته، والإعداد لها، فمثل هذين البرنامجين واضح العمل الجاد فيهما، حتى لو كان المقدمان ليسا من الأسماء اللامعة، لكنهما سرقا الأضواء بجدارة، وعرَّفا أحيانًا بأسماء ليست جماهيرية، فقد لا تضيف جماهيرية الضيف شيئًا إذا كان متواضع القيمة والمعرفة، لكن حكايته وكفاحه قد يجعل منه قدوة وأنموذجًا، على خلاف الخفة والسذاجة في بعض محاور الضيوف.
وببساطة شديدة، يمكن معرفة جودة العمل وضعفه، سواء كان مسلسلاً أو برنامجاً، من خلال أول خمس دقائق فيه، من المشهد والحوار وحركة الممثل وتعابيره و... و... إلخ، كذلك البرنامج تتضح جودته وكفاءته من الدقائق الأولى، من الأسئلة والإجابات والتقطيع وما شابه، فإما أن يكون برنامجًا جادًا وعميقًا بمضمونه وشكله، أو تهريجيًا سطحيًا لا يضيف شيئًا للمشاهد والمتابع الرمضاني.