سعد الدوسري
أين تريد الحكومة القطرية أن تذهب بقطر؟! هل تظن أنها قادرة على اقتلاع هذا البلد من جذور جواره الخليجي، والطيران به لفضاء بعيد مجهول؟! وما ذنب الشعب القطري؟! لماذا يدفع ثمن هذا الاقتلاع غير المبرر وغير المفهوم؟!
إن الصورة السريالية لاقتلاع قطر من موقعها الجغرافي، كانت ولا تزال تسيطر على أذهان كل الخليجيين، وكأن السياسة الحاكمة، بجنون العظمة الذي يسكنها، لا تريد أن تنتمي لهذه الجغرافيا، بل إلى جغرافيا أخرى تظن أنها تليق بها. وضمن هذه اللوحة الفانتازية، يتساقط القطريون الأبرياء، من المركبة الجوية، ليلاقوا حتفهم، إما بالسقوط في الصحراء، أو الاحتراق في الطبقات العليا للغلاف الجوي. وهو مصير، ظل عالقاً في المخيلة، لشعب لا ذنب له، سوى أنه اقترن بسياسة حكومة لا تفكر سوى بالزعامة المطلقة، حتى ولو احترق العالم كله!
لقد كانت المملكة، تؤكّد دوماً، وعبر بياناتها الرسمية، مساندتها للشعب القطري، بغض النظر عن ممارسات حكومته العدائية. وهو موقف ينسجم مع موقف رجل الشارع السعودي. فما يربطنا مع أهل قطر، ليس لقاءً صدفوياً في مقهى باريسي، بل صلة رحم متجذِّرة في التاريخ، وهو ما يتجاهله سياسيو الدوحة، في سبيل تحقيق الأجندة العبثية والوهمية، والتي وإن استمرت في غيّها، فإنها هي الخاسر الوحيد، والمتسبِّب الأكبر في خسارات أخرى، لا يعلم إلا الله كيف ستكون، خصوصاً على المستوى المحلي القطري.
لقد دأبت المملكة ودول الخليج، على التعامل مع ممارسات الحكومة القطرية، بضبط شديد للنفس، وبتجنب للتصعيد قدر الإمكان. وكان هذا كفيلاً بجعل تلك الحكومة، تراجع حساباتها السياسية، وتقيّم مواقفها مع الدول والأحزاب التي استعانت بها لتحقيق مرادها، بل لكي تراجع مرادها في تنصيب نفسها منبراً لكل مثيري القلق والفتنة والصراعات، في الخليج أو في الوطن العربي. لكن الحسابات ظلَّت كما هي، والمراد ظلَّ هو المراد.