إبراهيم عبدالله العمار
إذا أردتَ أن تقرأ كتاباً شجاعاً نادراً فعليك بكتاب «عودة للحياء» للأمريكية وندي شاليت، وهو كتاب أصدر ضجة لما صدر لأنه يصدّع عموداً من أعمدة الثقافة الأمريكية وهي اعتقاد الأمريكان والغربيين عموماً أن الأفضل للمرأة أن تبتعد عن الحياء والحشمة وأن تدخل علاقات متعددة مع الرجال، والأسوأ من هذا أن المرأة الأمريكية صدّقت هذا رغم ما فيه من ضرر عليها، فمثلاً عكس صديقاتها ظلت وندي عزباء لا تخرج مع الرجال، وظنت صديقاتها أن هناك خللاً بها! فأسدوا لها النصائح، وعن ذلك تقول وندي إن النصائح التي تأتي للشابة الأمريكية اليوم بشعة، وقد صُدمَت من الطريقة التي حاولت بها صديقاتها طمأنتها، كلهن قلن: «ستحصلين على الكثير من الرجال في حياتك، جسمك جميل ووجهك حسن، ستربحين في هذا السوق، ثقي بنا، ضعي تنورة أقصر مثلاً، توقفي عن تخبئة نفسك، لا تأخذي الأمور بجدية، وسترين كيف أن الرجال سوف يُغرَمون...» وعند هذه النقطة تجاهلتهن وندي وبدأ عقلها يجول، فتقول وندي: «سوف تحصلين على رجال كثيرين»؟ هل هذه مدحة؟ بل هي حكم بالسجن مدى الحياة لمن هي مثلي، أي امرأة لا تريد علاقات مع الرجال، تريد واحداً. تقول فتاة ذات 19 سنة ناقشت هذه المسألة مع وندي: نعم، أفهم كلامكِ، إنني أدخل علاقات خاطئة مع الرجال لأثبت أني لست قبيحة، وأني طبيعية، وناضجة، لكي لا يسخر مني الناس أو يظن بي عيباً أو نقصاً. تقول وندي إن تلك الفتاة استخدمت كلمات مثل «أعترف» و»سأتشجع وأقول...» لتقول إنها تريد فقط رجلاً واحداً في حياتها، وكأن رغباتها الحقيقية هذه غير مقبولة وفيها نوع من التعدّي. تقول الكاتبة آن رويف إنها لما حملت وعلمت أن جنينها سيكون فتاة حزنت فوراً، وفكّرَت قائلة: يا الله، ساعد هذه الطفلة، إنها أنثى مثلي! وهذا ما أوجع وندي، فتقول: لا أريد أن أنظر إلى ابنتي يوما ما وأقول لها: إن كونك امرأة لهو طريق شنيع مؤلم، وليكن الله في عونك! بل أريد أن أقول لها: «إن كونك امرأة شيء جميل، ولا يجب أن تتظاهري أنك رجل يسعى للعلاقات المتعددة، بل كوني كما أنت».