د. ناهد باشطح
فاصلة:
«لا يجب ان تتحول الوسيلة الإعلامية لبوق دعائي أو أن تصبح الوسيلة هي الرسالة»
-مارشال ماكلوهان-
يبدو أن الصحافي الأمريكي «بول فارهي» قد ضاق ذرعا من كثرة ترديد القراء لرفضهم وسائل الاعلام واتهامهم لها بعدم المصداقية فكتب مقالا في صحيفة «واشنطن بوست» وجه فيه رسالة إلى الجمهور يطلب فيها «الكف عن جمع وسائل الإعلام في سلة واحدة وإطلاق الأحكام عليها مجتمعة، ونصح القراء بتوجيه غضبهم وتذمّرهم من وسائل الإعلام نحو «الأسئلة الخمسة الرئيسية التي تُدرس في الصحافة، وهي: من، ماذا، متى، أين، ولماذا؟».
نشرت ذلك صحيفة العرب في عددها الصادر 27/9/2016م
وأتفق تماما مع «فارهي» فليس من الصحيح ان يتهم القراء جميع وسائل الإعلام بأنها فاشلة بسبب عدم رضاهم عن محتواها لأنه مخالف لتوجهاتهم
«هارفي» لفت النظر إلى نقطة مهمة لا يعرفها الجمهور عن وسائل الإعلام وهي أنها ليست الصحافيين؛ فالذي يقرأونه يمر بعمليات عدة ضمن غرف الاخبار وأجندة الصحف.
وعلى ذلك، لا يمكن لان الصحف تنشر ما يخالف توجهات القراء السياسية والثقافية أن نتهم وسائل الاعلام مجتمعة بأنها غير عادلة؛ فهي لا يمكن أن تكون الأفراد أو الصحافيين الذين من المهم ان يهتموا بالاسئلة الست المهمة (من، متى، ماذا، اين، كيف ولماذا) في إعداد المحتوى الإعلامي. وأرى أن عدم اهتمام وسائل اعلامنا في محتواها بالاجابات عن هذه الأسئلة، وخاصة لماذا وكيف هو سبب ضعف محتوى الاخبار والتقارير لدينا.
الصحافيون يندفعون إلى العمل، وحين تسألهم لماذا،لا يعطونك الرد الذي يوضح لماذا اختاروا هذه الزاوية لتغطية الحدث أو تحليله، ولماذا حدث هذا الحدث في تقديرهم.
من هنا، أصبحنا نسمع كثيرا جملة «الاعلام مضلل» أو «لا نثق بالإعلام «
مع أنه منطقي كما توجد وسائل إعلامية متحيزة، فهناك وسائل إعلامية تحافظ على معدلات عالية من المصداقية أو تحاول، إذ إنه من الصعب تحقيق ذلك في أي من المجتمعات غير الديموقراطية.
والمصداقية كمفهوم علمي ربما من الصعب تحقيقه بشكل شامل لكن من المهم وضع معايير لتحقيق أعلى درجاته، ولمقياس المصداقية وضع موقع «كنانة اون لاين» في قسمه المتخصص عن الاعلام هذه المعايير الأربعة:
1. المقياس اللغوي
بمعنى أن وضوح اللغة، في التعبير، مهمة جدا عدم الوضوع يمكن ان يكون تزييفاً للأحداث
2. المقياس الأيديولوجي
بحيث لا تحجب النظرة الأحادية بقية الأبعاد المخالفة لأيدلوجية الصحفي.
3. مقياس جزئية المعرفة حيث يظهر جهل الصحفي بالموضوع الذي نشره.
4. مقياس التزوير
وهو يمثل جانب الجريمة المباشرة والواضحة في الكذب على الجمهور
فإذا لمستم أي خلل في تلك المعايير فإن هذه الوسيلة تمارس التضليل، وليس معناه أن كل الوسائل الإعلامية تفعل ذلك وإلا أضحى الإعلام معاديا للمجتمع.