د.ثريا العريض
التسرطن الإرهابي عرفته شتى بقاع العالم من قبل «داعش»، بصيغها المحلية وحواضنها الذاتية. ولم يكن له علاقة بالإسلام أو العروبة. أما الآن فالتوحش أصبح وباء يعبر الحدود ولا يمكن أن يسمى جهادا أو بطولة بل تهور واهمين أو تراكض مرتزقة.
والغالب أن الخلايا الإرهابية المستترة والمتنمرة في شتى أنحاء العالم بمبرراتها الفردية ليست كلها «داعش»، بل كيانات منفصلة تتبنى إعلان الانتماء إليه بمبايعة الخليفة الافتراضي،كمظلة تمنح كل منها مشروعية الفعل ضد المجتمع أو السلطة الرسمية.
وهناك من لا يعلن الانتماء لداعش، ولكنه ينافح عن التطرف والتدمير بنفس الفوقية، أو يدعم ويمول ويدرب على أعمال الإرهاب ويوفر الأسلحة المدمرة.. مثل الحرس الثوري الإيراني الذي يمارس الإرهاب على أرضه ويصدره بكل دمويته إلى الجوار الخليجي.
الإرهاب هو تبني فكر جهنمي قائم على نظرة دونية للآخرين تراهم مجرد أهداف لإثبات فوقية متوهمة: إما أن يخضعهم لتبني آرائه ومرئياته وفرضياته، أو يحلل أن يسلب منهم حقهم في الحياة. والأفضل أن يكون ذلك بفعل يجتذب أضواء الإعلام عالميا، ويثير الفزع في النفوس من وحوش بشرية. أفعال لا تثير الاحترام ولا التقدير عند الناس الطبيعيين، كما يفعل الأبطال الرياضيون وحماة الوطن، بل الشعور بالغضب واحتقار المنفذ والرغبة في القضاء على الوحش.
«داعش» مثلا تبنت في البداية أسلوب بث سيناريوهات غرائبية كابوسية تنفذ على أرض الواقع بممثلين مدربين. ويجتذب آلاف الكومبارس من شتى أنحاء العالم تشدهم فكرة المغامرة المثيرة العنيفة حيث لا حدود لما يمكن أن يرتكبوه. وبعدها أصبحت مبايعة خليفة «داعش» عن بعد الطلسم الشيطاني بمفعول «افتح يا سمسم» الذي يعطي شرعية متوهمة لكل متمرد أو سادٍ أو مازوشي حول العالم, ليقوموا بتفحيط سياسي في بلادهم، أو يتقاطروا إلى موقع التصوير الداعشي حالمين وحالمات بدور بطولي.
حاصرت المملكة محاضن الإرهاب فانكشف وهم «الغرابيب السود» والحوثيين والحرس الثوري، والإخوان عن سراب.. ووُلِّد تأهب عالمي وتعاون لوقف التدمير والقتل والخراب.
في الواقع البطل الحقيقي هو صاحب الفكر والعزم الذي نجح في تأسيس تحالف دولي جامع ليتصدى لوحش الإرهاب داخل البلاد وخارجها، ومحاصرة شر الداعين إليه، وداعميه ومموليه والمدربين على فظاعاته. ولم ينس أن الأولوية هي لجهود قطع رأس المدمر وبتر الرحم الذي يحتضنه.. لأن الفكر يهزمه الفكر، فالعقل يقتضي أن تفعل قوى فكر «الاعتدال» للقضاء على التطرف الفكري الذي يحول البشر إلى وحوش.