«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد محلل اقتصادي أن إغلاق الحدود السعودية القطرية يعني شللاً تاماً لحركة النقل البري وتوقف لتدفق السلع والمنتجات إلى السوق القطرية. مؤكدا ان الأمر نفسه ينطبق على المنافذ البحرية التي ستعيق حركة التجارة؛ ونقل الغاز القطري مما يرفع تكاليف النقل البحري بشكل كبير خاصة مع إغلاق قناة السويس أمام الملاحة القطرية.
أما إغلاق المنافذ الجوية فستؤثر بقوة على قطاع الطيران وربما تسبب في تكبيد الخطوط القطرية خسائر موجعة تخرجها من السوق؛ لسببين رئيسين؛ الأول اعتمادها على السوق السعودية في عمليات الترانزيت والربط الدولي، حيث من المتوقع إلغاء ما يقرب من 50 رحلة يومياً بسبب قرار الحظر. والثاني منع طائراتها من استخدام الأجواء السعودية وأجواء الدول الثلاث الأخرى، ما سيفرض عليها تكاليف إضافية بسبب طول مسافة المسارات الجديدة.
وقال المحلل فضل البوعينين: التجارة البينية ستتوقف نهائياً بسبب إغلاق المنافذ؛ مع أكبر شركاء قطر التجاريين في المنطقة وهم السعودية والإمارات اللتان تسيطران على تجارة الأغذية والمواشي؛ إضافة إلى البحرين الأكثر تصديرا للمشتقات النفطية. ومن الانعكاسات المالية ما قد تتعرض له قطر من إعادة النظر في تصنيفها الحالي؛ وهو أمر ألمحت له وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية العالمية؛ وهذا سينعكس لا محالة على تكلفة الاقتراض وعقود التأمين على الديون السيادية؛ وأسعار السندات الحالية وجاذبية السندات المتوقع طرحها مستقبلاً.
وأضاف: القطاع المالي سيكون من أكثر المتأثرين بالمقاطعة؛ ولعل ردة فعل سوق الأسهم القطرية وخسارتها ما يقرب من 8% بعيد الإعلان عن قطع العلاقات من المؤشرات المستقبلية لما قد تتعرض له السوق. كما ان هناك جانبا أكثر أهمية للاقتصاد القطري؛ وهو بطولة كأس العالم 2022؛ والتي أنفقت الحكومة القطرية من أجلها مئات المليارات من الدولارات. وقطع العلاقات؛ وإغلاق المنافذ إضافة إلى ملفات الرشى في دهاليز «فيفا»؛ قد تتسبب في سحب تنظيم كأس العالم من قطر متكبدة خسائر اقتصادية لا تعوض.
وتابع البوعينين: منذ نحو 27 عاما من الممارسات العدائية لحكومة قطر وجدت المملكة نفسها مرغمة على اتخاذ قرار قطع العلاقات، وإغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية. ربع قرن من الحلم والأناة مارستها المملكة تجاه ما صدر عن قطر من مؤامرات ومخططات وجهت لزعزعة أمنها واستقرارها؛ وشق الصف الداخلي؛ والتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف وفي مملكة البحرين وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن؛ إضافة إلى تأجيج الفتنة الداخلية من خلال منظومتها الإعلامية الموجهة.دعم الحكومة القطرية لميليشيا الحوثي الانقلابية من صفحات الممارسات العدائية السوداء التي كشفتها الاستخبارات السعودية؛ بعد أن هددت أمن السعودية؛ وأضرت بخطط التحالف وعرضت أفراده للخطر.
وقال البوعينين ان المملكة بذلت قبل اتخاذها قرار المقاطعة جهوداً مضنية لحمل الحكومة القطرية على وقف ممارساتها العدائية؛ ووقعت معها تعهدات واتفاقيات مختلفة لم تلتزم بتنفيذها؛ وكأنها سعت جاهدة من خلال توقيع التعهدات إلى كسب مزيد من الوقت لإنجاز مخططاتها العدائية التي أفشلها الله. وصبرت المملكة طويلا من أجل الشعب القطري؛ وترابط دول المجلس إلا أن صبرها نفد أمام استهتار حكومة قطر ونقضها التعهدات والاتفاقيات الموقعة تحت مظلة مجلس التعاون؛ وإصرارها على المضي قدما في ممارسة أعمالها العدائية ضد السعودية والبحرين واحتضانها الإرهابيين؛ وتمويلها عملياتهم القذرة. وبالرغم من اتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ؛ إلا أن المملكة أكدت في بيانها أنها ستبقى «سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية»؛ وأكدت أيضاً «التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين».
وتوقع البوعينين زيادة عدد الدول المُقاطِعه مستقبلاً؛ عوضاً عن الإجراءات الدولية التي قد تتفاجأ بها حكومة قطر وفي مقدمتها قضايا دعم وتمويل الإرهاب. من المنتظر أن يتسبب إغلاق كافة منافذ الدول الأربع بتداعيات اقتصادية للدوحة؛ بدءاً من النقل الجوي والبري؛ مرورا بالتجارة البينية وقطاع الأعمال؛ وصناعة الغاز؛ وانتهاء بأسواقها المالية والتداعيات الدولية المتوقع حدوثها مستقبلاً.
وتابع: ملف تمويل الإرهاب هو الأكثر خطورة على قطر ورفع قضايا تمويل الإرهاب ضد الحكومة القطرية وبعض زعاماتها السابقين والحاليين؛ قد يقحم القطاع المالي والنظام السياسي القطري في نفق مظلم لا يخرجون منها أبداً. ثبوت أي من تهم تمويل الإرهاب سيضر بشكل مباشر بالقطاع المصرفي القطري؛ الذي قد يتعرض إلى غرامات مالية مدمرة؛ وإخراج البنوك المنخرطة في تمويل الإرهاب من القطاع كما حدث للبنك اللبناني الكندي من قبل.
وفي ختام حديثه قال البوعينين: لم نكن نتمنى حدوث مثل تلك التداعيات لقطر؛ ولا انعكاساتها الاقتصادية المؤلمة؛ وكم سعت المملكة لوقف تلك التجاوزات المدمرة للجميع؛ إلا أن تمادي حكومة قطر في دعمها الإرهاب؛ وأعمالها العدائية ضد السعودية ودول الخليج وليبيا وسوريا ومصر واليمن أوصلها إلى حافة الهاوية.