سعد بن عبدالقادر القويعي
أثنت صحيفة «هافينغتون بوست» -ثالث أهم صحيفة أمريكية- على جهود مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية؛ كونه متخصصاً في: «رفع مستوى الوعي بالتطرف، والتعصب، وذلك من خلال وسائط الإعلام الرقمية، وأحدث الأدوات البصرية بفعالية؛ من أجل زيادة الوعي، والانتصار على أيديولوجيات الجماعات المتطرفة»، -وكذلك- التصدي لهذه الظاهرة البغيضة على المستوى -المحلي والإقليمي والدولي-، -إضافة- إلى تعزيز، وتعميق قيم الوسطية، والاعتدال، والتسامح، والتعايش، والحوار بين الحضارات، والثقافات؛ باعتبارها حائط الصدّ الرئيس في مواجهة هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة.
تبدأ صناعة الإرهاب من فكر متطرف يسعى للتوسع، والانتشار عبر خرائط تمركز لهذه الجماعات المختلفة في الفكر، والمنهج، وبيئته الحاضنة، والمواتية لديمومته، وبقائه؛ اعتماداً على مناهج التحليل -النفسي الاجتماعي-؛ وحتى تستطيع تلك الجماعات الإرهابية أن تعزز قيم العنف، الذي أصبح في هذه الحالة مقدساً، أو دينياً؛ فيجب فرض سياج من العزلة على عناصرها الداخلية، أو الأفراد المشكلين لها؛ لتشكل استعدادا لا يستهان بهم في صناعة الإرهاب، وإعادة إنتاجهم بجمودهم العقائدي، وانغلاقهم الفكري، وهي -مع كل ما سبق- لا تمثل سوى حالة شاذة عن كل القيم الإنسانية؛ حتى قيم الدين ذاتها.
بدايات الإرهاب متعددة، وبما أن البعد الأيديولوجي للإرهاب أصبح يشغل بال المعنيين بقضايا الإرهاب أكثر من أي بعد آخر، وعلى خلفية انزلاق بعض دول الشرق الأوسط إلى حروب بالوكالة، فقد أدركت السعودية خطر الإرهاب -منذ البدايات-، ودعت إلى ضرورة التصدي له إقليمياً، وعالمياً. كما تفاعلت بجدية مع الجهود -الإقليمية والدولية-؛ الهادفة إلى مكافحة الإرهاب، واجتثاث جذوره، -خصوصا- بعد أن تفشت ظاهرة الإرهاب، والتطرف، والعنف، والغلو، والتكفير في العالمين -العربي والإسلامي-، وتصاعدت وتائره -كمًّا ونوعًا-، وامتدت في رقعة جغرافية واسعة من العالم -كله-.
ما سبق، يشكل تحدياً أمنياً -في حد ذاته-، ولذا فإن تحويل مفهوم الأمن من رد الفعل إلى صناعة، لها مبادئها، واستراتيجيتها، ومن خلال منهج شامل -أمني وثقافي واقتصادي واجتماعي وسياسي-؛ لبناء العقول المستنيرة الواعية التي لا يمكن زعزعة أمنها، ومبادئها، والقادرة على تعرية فكر الإرهاب، وتحجيم خطورته.