رجاء العتيبي
الحياد ليس سلوكاً مهنياً في أمر يتعلق بأمن الوطن، باعتبار الأمن خطاً أحمر غير قابل للنقاش، إما أن تكون مع الوطن أو لا تكون، هكذا يمكن أن نقول عندما نرى من يسعى إلى زعزعة الأمن بأي طريقة كانت.
سنقف ضد الحكومة القطرية، وضد الإرهابيين في العوامية، وضد داعش، وضد الحوثي، وضد إيران، وضد غيرهم طالما أنهم يسعون إلى أهداف مشبوهة، سنقف بنياناً مرصوصاً ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمننا، وبدون حياد حتى يرعوي الأعداء ويعودوا إلى رشدهم.
بالتأكيد إنّ الصلح خير مع من ينوي الصلح فعلاً، ولكنه ليس كذلك طالما أن الأقوال ليست كالأفعال، لأنّ من يقول: إما أن يصدق قوله فعله، أو يكون قوله مجرد رماد يذره في العيون لا يغني ولا يسمن من جوع.
لن تكون هناك لغة مشتركة مع من يتعمد الشر، ولسنا ملزمين بالتفاوض معه، ولا يتوقع أن نكون جداراً قصيراً يقفز عليه متى شاء، للجوار حقه، وللدبلوماسية وقتها، وللمفاوضات زمنها، وللصلح أهله، ويبقى في النهاية القرار قرارنا، نقدم هذه على تلك، أو تلك على هذه، فنحن أهل الحرب والسلام، قرارهما بيدنا نحن وليس بيد غيرنا.
نعم، خليجنا واحد، ونبصم بذلك على العشرة، ولكنه ليس كذلك طالما أن ثمة دولة تغرد خارج السرب، لن تكون دول مجلس التعاون واحدة، طالما أن ثمة دولة ما تهادن عدواً لدوداً يصدر ثوراته لنا منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، وتستضيف جماعة مناوئة لنا منذ سنين طويلة، وتتخذ سياسة دولية خارج نطاق سياسات دول مجلس التعاون.
الحياد هنا غير مجد، على مستوى دول مجلس التعاون، وكذلك على مستوى الوطن، وحتى محاولات الصلح غير مجدية إذا ما كانت بلا صدق وجدية لدى أحد الأطراف، لأنّ ذلك سيكون ضياعاً للوقت والجهد والمال.
الحيادة والمهادنة والبيانات التوافقية التي تصدر من البعض في وطننا لا اعتبار لها، طالما أنها لم تصدر من السياسة العليا للدولة، فليس من المنطق أن يكون للوطن سياستان. يمكن أن يكون لك رأي في الحدث، ولكن ليس لك الحق أن ترسم سياسة - بأيّ طريقة - وتوقع عليها أنت ومن معك.
قطر كدولة شقيقة تختلف عن الحكومة، ونحن نميز بين ذلك بكل وضوح، وخلافنا مع السياسات التي تتبناها الحكومة القطرية، وليس مع الشعب أو مع الدولة ذاتها ككيان خليجي قائم بذاته، والإرهابيون الذين يحملون الجنسية السعودية ليسوا إخواننا الذين بغوا علينا، وإنما هم أعداؤنا لأنهم مسّوا وطننا، وتطاولوا على أمننا, ولا يحتاج الأمر إلى مزيد شرح.