ناصر الصِرامي
قبل نحو ثلاثة أعوام تقريباً، قبيل صيف 2014 كتبت عن قطر التي نعرف.. الدوحة التي نريد..!
كانت حينها بين دول خليجية ثلاثة من جهة -السعودية والإمارات والبحرين-، وقطر من الجانب الآخر أزمة. ومنها وقبلها وإلى اليوم، لم يكن أحد من أبناء الخليج المخلصين يتمنى حدوث أزمات في خليجنا.
ما وصلت إليه حينها كنا نراه الذروة التي استحكمت فيها أزمة تطورت لأعوام قبل أن تظهر بوادر انفراجها.
نتذكر قبل ثلاث سنوات ما تم التعارف عليه إعلامياً بوثيقة الرياض بعد قرار الدول الثلاث سحب سفرائها من قطر، وبعد أن فشلت كل الجهود في إقناعها بضرورة الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي ودعم الإعلام المعادي - طبقاً لذلك للبيان المشترك حينها.
انفراج كنا نتطلع كخليجين إلى استكماله نهائياً، وعدم العودة إلى نقطة الصفر، بسبب السياسات القطرية الخارجية المتضاربة. واحتضانها لقيادات إرهابية من بقايا جماعة الإخوان المسلمين، وما تلاها من الفوضى العارمة التي عاشتها المنطقة العربية وكان للدوحة دور محوري ومعروف فيها.
ونعرف جيداً أنه سبق للقيادة القطرية الحالية أن تعهدت وفي أكثر من مرة لدول المجلس بعدم تجنيس أي مواطنين خليجين، وترحيل بعض الأجانب الذين ينتمون إلى حركة تنظيم الإخوان، وعدم دعم أي معارضين لدول المجلس، ووقف أي حملات إعلامية أو إي إعلام عدائي. مع إيقاف المنابر والشخصيات والنشاطات المدعومة منها- سياسياً وإعلامياً- بشكل مباشر أو غير مباشر تسهم في المزيد من الفوضى العربية، وتسيء للدول أو الشعوب أو تمارس التحريض.
قلت حينها إن هذه البنود «ستكون هو الفصل في تطبيق الاتفاق، ومن ثم عودة قطر التي نعرفها بعيداً عن التخريب إلى صف الوحدة الخليجية، لحفظ أمن المنطقة والسلم القومي العربي. وهذا أقل التوقعات الطبيعية من دولة خليجية عربية»..!
لكن حتى أقل التوقعات لم يستجب لها، ولم تتحقق... بل استمرت الدوحة في اتجاه معاكس هو أشد خطراً... عليها... قبل دول الخليج.
نعرف جيداً كأبناء منطقة وتاريخياً أن الدوحة هي الأقرب للرياض، وأبوظبي وكانت دائماً جزءاً لا يتجزأ من التلاحم الخليجي الشعبي قبل الرسمي، إلى ما قبل انقلاب الأمير السابق-والحاكم الفعلي حالياً (حمد بن ثاني) على والده.
بعد الانقلاب وجه كل موارد بلاده وإمكاناته واستنفذها وأسرف، من أجل أن تصبح الدوحة مصنعاً وممولاً ومحرضاً ما تسميه بـ(ربيع عربي)، تحول إلى كارثة إنسانية وحروب أهلية وفوضي ودمار معنوي وبشري واقتصادي وسياسي واجتماعي، «خريف عربي» انشغلت به قطر حتى وصلت كل المآسي والإساءات والتخريب منها وإلى كل بلد مرتبط بالمتبقي من خارطة الدول العربية!.
استمر تغير الاتجاهات بعيداً عن مصالح الإقليم بشكل أكثر حدة، أكثر مباشرة ضد المصالح الأمنية والسياسية لدول الخليج العربي- والذي يفترض أن قطر في عمقه.
لمن لم يسمع. قطر التي كنا نعرف لم تكن بمعزل عن الخليج العربي أبداً، فالقدر والجغرافيا والمصير واحد ومشترك، وهي لم تكن أبداً ترضى بالوقوف ضد مصالح الخليج، فكيف بالوقوف المعاكس ضد أمنها ومصالحها، وزعزعة استقرارها لصالح أحزاب أو تيارات خارجية، لا منطق أو مصلحة تقتضي هذه السياسات سوى التخريب، كما أنه ومن غير المعقول أو المقبول خليجياً تمويلها ودعمها واحتواؤها. هذا ببساطة ما يجب أن يفهمه كل مواطني دول الخليج العربي قبل دوله.
قبل ثلاث سنوات كنا نبحث عن قطر التي نريد، والتي نعرف. اليوم نتساءل فقط إن كان في الدوحة بقايا رغبة أو أمل للعودة الطبيعية للصف الخليجي، كما يأمل كل مواطن خليجي..
أم أننا لم نعد نعرفها.. ولم تعد تبالي...!