رقية سليمان الهويريني
لعلنا نتفق أن نجاح أي دولة خليجية هو نجاح للجميع والمكاسب التي حققتها المملكة على الصعيد السياسي هو مكسب لدول الخليج كافة، وأي تهديد من دولة باغية هو تهديد للخليج العربي. وتحت هذا المفهوم يسعى العقلاء لرأب الصدع الذي يحصل بين آن وآخر، ونرجو أن تنتهي الأحداث المؤسفة المتسارعة بين دول الخليج الشقيقة وتصبح زوبعة في فنجان ويعود الصفاء بين الحكومات بعد الاتفاق على الثوابت وقبول الاختلافات الفرعية.
ولا شك أن شعوب منطقة الخليج العربي تربطهم وشائج القربى والجوار، عدا عن تاريخ ضارب في القِدم، مما يتيح تحقيق هاجس الاتحاد الذي ما فتئ الملك عبد الله ينادي به حتى وفاته رحمه الله، وانتقل الهاجس لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، الحريص على وحدة الخليج وأثبتها شكلاً ومضموناً أثناء آخر زياراته لجميع الدول الشقيقة قبل شهر رمضان المبارك.
ووقوف المملكة في وجه التحديات المحيطة ببلدنا ودول الخليج ليست بمعزل عنها؛ قد يخالف منهج ممن لا يريدون بالخليج خيراً ويسعون لزعزعة أمنه، مما يتطلب بذل جهدٍ دبلوماسي حكيم لرتق الشق الخليجي قبل أن يتسع.
إن ما يقلق المواطن العادي هو الانقسام الاجتماعي بين أبناء الوطن، وهو ما يجب علاجه سريعاً ليكون الوطن هو نقطة الالتقاء إذا كثرت نقاط الاختلاف الفكرية والثقافية، والتوحد حول بؤرة الوطن ليس مطلباً بل هو واجب، ومن يشذ عنه ينبغي رده لجادة الصواب فكلنا مع الوطن قلباً وقالباً بكل لهجاتنا ومناطقيتنا ومذاهبنا وتوجهاتنا الفكرية.
وحين تنشط الأقلام بالكتابة عن الوطن والدفاع عنه من أي مساس خارجي، فإنها تكتب عنه بفيض من المشاعر الطافحة بالحب والانتماء له كونه الملاذ الوحيد بعد الله. وحب الوطن ليس شعارات أو مشاعر نغدقها في لحظة دفاع، بل هو يقين بكينونته ومهابته وبقائه شامخاً وسداً منيعاً في وجه المهاجمين والمنافقين والدخلاء بعيداً عن المزايدات الممجوجة.
ومثلما نتفق على تلك المبادئ الثابتة، لا نختلف مطلقاً على علاقتنا المتينة مع الشعب القطري الشقيق الذي نتمنى له الخير والنماء في ظل النسيج المتجانس واللحمة الخليجية المتينة التي لن تقدر على اختراقها نوازع الشر ولن يستطيع أعداء الأمة العربية تفكيكها.
إن القوة المطلوبة في هذا الوقت هو رباطة الجأش، وألا نسمح لأي أحد باستغلال الاختلاف الطارئ بين حكومات الخليج، ورفض المتاجرة باختلاف وجهات النظر حول مسائل سياسية واستخدامها للعبث بالنسيج الوطني الذي صمد أمام الإرهاب ونجح بدحره وسينجح باجتثاثه.
ويبقى الوطن فوق كل آراء شاذة، أو معتقدات منحرفة، وتبقى القيادة الحكيمة توجه سفينة الوطن رغم تلاطم الأمواج!