د. عبدالواحد الحميد
لا يمكن أن تقبل أيُّ دولة في العالم إشهارَ السلاح في وجهها أياً كانت الذرائع والحجج التي يلجأ إليها من يقومون بذلك، فإشهار السلاح يعني جر البلاد إلى مستنقعات من الدم والفوضى والخراب.
والذين يقومون بالتفجيرات والأعمال الإرهابية في العوامية بشرقي المملكة هم أعداء الجميع، لكنهم قبل ذلك أعداء أنفسهم لأنهم لن يكونوا أقوى من الدولة والمجتمع ولن يكونوا أطول نفساً منهما وهم إنما يسيئون إلى أنفسهم وإلى ما يعتقدون أنها قضيتهم، علماً بأن ما يقومون به ليس مقطوع الصلة بما يحدث في المنطقة العربية فليس سراً أنهم يستلهمون حماسهم وما يقومون به من أنشطة إرهابية من رموز خارجية معادية للوطن.
إن مَنْ يدعي الوطنية وينادي بالإصلاح لا يمكن أن يرفع السلاح في وجه وطنه ويتعاطف مع أعداء وخصوم الوطن في أشد اللحظات حساسية وفي مفصل تاريخي مهم يواجه فيه الوطن هجمات إعلامية شرسة من جهات لا تُخفي توجهاتها ومقاصدها وتسعى إلى جر بلادنا إلى ويلات الطائفية والاحتراب الأهلي وزعزعة الأمن.
هذا اسمه إرهاب، وليس له اسم سوى ذلك، وهو أيضا ابتزاز للوطن في ظرف تاريخي استثنائي. وقد أوضح المشائخ وعلماء الدين في القطيف بعد العمليات الإرهابية المشينة التي وقعت منذ أيام في العوامية أن «العنف والإرهاب ليس طريقا مشروعا ولا مجديا لحل المشاكل بل يزيدها تعقيدا، ويهدد مصالح البلاد والعباد، ويؤدي إلى سفك الدماء المحرمة ويزعزع الأمن والاستقرار».
وبالرغم من أن استخدام العنف والإرهاب من تلك المجموعات سبق المشروع التطويري لحي المسورة في العوامية، إلا أنها تتذرع بهذا المشروع لممارسة الإرهاب وإشهار السلاح في وجه الدولة والمجتمع، وهو أسلوب مرفوض ليس من الحكومة فقط وإنما من مختلف أطياف وشرائح الشعب السعودي. وكما أشار المشائخ وعلماء الدين في القطيف فإن «أمن البلاد وإدارة شؤونها هو من مسؤولية الدولة وحدها»، ليس في العوامية وحدها وإنما على كل شبر من أرض الوطن.
أما إذا كانت هناك مطالب سلمية حقيقية، فكما هي الحال في بقية مناطق المملكة يمكن اللقاء بالمسؤولين وتوضيح المطالب. وهذا ما أكد عليه بيان مشائخ القطيف الذي دعا إلى «ترك العنف واللجوء للسلم ومطالبة الحقوق إن كانت عن طريق الاتصال بالمسؤولين الذين فتحوا أبوابهم لتفهم قضايا المواطن وتنفيذ ما يرونه صالحاً لتسيير أمور المواطنين ولا سيما الأبرياء من أهالي العوامية الذين هم موضع اهتمام المسؤولين ويتم التمكين من تطوير حي المسورة في بلدة العوامية بعد أن تمت إجراءات الإفراغ من قبل ملاك المنازل فيه واستلموا تعويضاتهم».
لا يوجد مواطن سعودي مخلص يريد أن يرى الأوضاع الأمنية في بلاده تنحدر -لا سمح الله- إلى ما وصلت إليه في بعض البلدان الأخرى في منطقتنا العربية، لذلك نحن نرفض الإرهاب سواء جاء من القاعدة أو من داعش أو من بعض الأفراد والجماعات في العوامية أو في غيرها من أي مكان من بلادنا.
نقول، بملء الفم، لا للعنف ولا للإرهاب.