يوسف المحيميد
لا شك أن المملكة من أكثر الدول في العالم التي عانت من الإرهاب في مراحل مبكرة، وما زالت تعاني منه، وهي التي تسعى لمحاربته بشتى الوسائل، أمنيًا بإحباط الكثير من الخطط قبل حدوثها، وفكريًا بعقد المؤتمرات وإنشاء المنظمات الدولية التي تنبذ الإرهاب وتحاربه، إضافة إلى وسائل الإعلام المختلفة، فقبل أقل من شهر حشدت المملكة عشرات الدول الإسلامية في قمة مهمة، مع الرئيس الأمريكي، وتم إنشاء مركز «اعتدال» الذي يسعى إلى محو التطرف والتشدد من دول العالم!
ومن خلال وسائل الإعلام يتم حشد الصحفيين وكتاب الشأن العام للكتابة عن موضوعات التطرف والتشدد، وكذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بفضح هؤلاء الإرهابيين وأعداء الأوطان، ولكن كل هذا يتم بشكل مباشر، وحدها الفنون والإبداع التي تتناول مثل هذه القضايا الشائكة والأيديولوجيات بشكل غير مباشر، ليكون أثرها أكبر على المتلقي، مما لو كانت عملا مباشرًا.
ففي الدراما مثلا، خاصة الأعمال الدرامية التلفزيونية، تفشل في معظم الأحيان في تناول مثل هذه القضايا بطريقة غير مباشرة، فالدراما حين تقدم جريمة، يجب ألا تمثلها، فطاقم المسلسل أو الفيلم ليسوا باحثين جنائيين، يقومون بتمثيل دور الجناة بكل تفاصيل جريمتهم، لا طبعًا، الفن شيء مختلف، يلامس ما هو إنساني في الحكاية، يتنبه إلى تفاصيلها الصغيرة، وربما تفاصيلها الغائبة، أما عمود الحكاية الرئيسة التي تنشرها الصحف والقنوات، ليست هي محور الاهتمام، وهذا ما لم تتمكن «سيلفي» وغيرها من المسلسلات تقديمه في كل قضايا الإرهاب، والجماعات الإرهابية المختلفة.
الحكاية الرئيسة أو الكبرى متاحة للناس في مختلف وسائل الإعلام القديم والجديد، لكن التفاصيل التي أحاطت بها لا يعرفها أحد، وهذا هو دور الدراما، بالتقاط الغائب عن البصر والبصيرة، وصنع منه حكاية جديدة موازية للحكاية الكبرى التي قرأها الناس في الصحف، وسمعوها في نشرات الأخبار.
صحيح أنه يحسب لهؤلاء شجاعتهم بتناول موضوعات شائكة، لكن ذلك لا يكفي، فالحدث كبير ومربك ومزلزل، ومن غير المقبول طرحه ومعالجته دراميًا بهذا التبسيط، وبشكل أصغر بكثير من هول الواقعة، فالمعالجة الدرامية الناجحة تبقي الأثر كبيرا داخل المتلقي وفي ذائقته!