د.ثريا العريض
حسنًا فعلت المملكة العربية السعودية بالدعوة لتحالف عالمي جاد ضد الإرهاب الذي فرّخ في كل أنحاء المعمورة.
مآسي الإرهاب تطاردنا منذ بداية القرن؛ دمويًا قاتلاً خارج التحديد في دين أو مذهب أو إثنية أو موقع جغرافي. اليوم في نشرة الأخبار تفاصيل انفجار في الفلبين، وآخر في بغداد، وثالث في الجزائر، ورابع في القطيف. عدا أخبار القبض على مشتبه بهم في دول متعددة، مع العلم أننا في شهر رمضان الفضيل الذي يفترض فيه نشر السلام والأمان لا التخطيط للقتل والتفجير.
وأول ما يخطر في البال عندما يبث خبر محاولة أو ارتكاب حادث إرهابي مدمر، كتفجير موقع عبادة ملئ بالمصلين الأبرياء، أو حافلة تحمل أطفالاً إلى مدرستهم، أو عمالاً إلى موقع عملهم، أو مركزًا لقوى الأمن، أو جمعًا مزدحمًا في سوق شعبي لشراء احتياجات الصيام، إن المجرم ينتمي لـ»داعش» هذا التنظيم الشيطاني الذي يجتذب كل مريض سايكوباثي معتل منجذب للدموية والتدمير.
والبعض داخل وخارج الوطن حين يتساءلون عن كنه هذا التنظيم المتوحش، يلصقون جرائمه بجذور محلية عندنا. ويجدون براهين تثبت تحليلاتهم. وينتهون إما إلى أن مناهجنا وخطب مساجدنا تنشر فكر الغلو الذي يولد التطرف إلى حد تكفير الآخر. وأنه بعد قولبة العقول الطرية بضغوط مرئيات التشدد على مدى عقود ممتدة منذ الثمانينيات حتى العقد الثاني بعد الألفية، فإن الخلايا الإرهابية تصعيد غير مستغرب بل نتيجة طبيعية للشحن العقدي والطائفي. أو يجدون المسبب في خلو المجتمع من الترفيه الطبيعي وسبل تفريغ الطاقة العاطفية إيجابيًا.
في الحقيقة الأمر أبعد من هذه البساطة، وليس ممكنًا إيجاد جواب يجيب بوضوح عن كل تعقيدات تصرفات الإرهابيين الغرائبية. أو تفسير تقبل الفرد فكرة قتل من لا يعرف من العابرين ولو بتفجير نفسه. ولكن الغلو له دور لا ينكر فيما يحدث.
وأوضح أن الخلايا الإرهابية المستترة والمتنمرة في شتى أنحاء العالم ليست كلها داعش، بل كيانات منفصلة تتبنى إعلان الانتماء إليه كمظلة تمنح كل منها مشروعية الفعل ضد المجتمع أو السلطة الرسمية. وأحيانًا تتبنى داعش الفعل الذي لا يعلن فاعله فتنسبه إليها.
والعقلاء هم من يثمنون مشروعات البناء واستدامة الاستقرار على الاستجابة للتنادي لتنظيمات الخراب وتدمير الديار.. والأولوية هي لجهود قطع رأس الفكر المدمر وبتر الرحم الذي يحتضنه.. لأن الفكر يهزمه الفكر، فالعقل يقتضي أن تفعل قوى فكر «الاعتدال» للقضاء على فكر التطرف الذي يولد الوحوش.
ولنا عودة إلى الموضوع..