جاسر عبدالعزيز الجاسر
ليس فقط الأمم المتحدة، ولا الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تصنف بالدول الكبرى كبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، بل أيضاً هناك العديد من الدول الآسيوية والإفريقية والأوروبية تشكو من إجرام عصابات الحوثي ومليشيات علي صالح وما ترتكبه سواء في داخل اليمن من انتهاكات غير إنسانية، أو من جرائم في الممرات الدولية، وبالذات في ممر باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والمحيط الهندي، والذي تمر منه البضائع الواردة والقادمة من كلا القارتين الآسيوية والأوروبية، وتستعمله ناقلات النفط والبضائع المتجهة لكل دول العالم.
الأمم المتحدة تعلم ولديها العديد من القرائن عما يرتكبه الحوثيون وفلول علي عبدالله صالح، ومع هذا لم تتخذ أي إجراء لوقف جرائمهم تلك، وإن بدأ مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ في الكشف عن بعضها.
يقول المحللون السياسيون والصحفيون اليمنيون إن مكاتب الأمم المتحدة وموظفيها في اليمن لهم علاقات جيدة مع الحوثيين بالذات وأنهم مختَرَقون من هذه العصابات، وبعضهم يخضع لما يطلبه منهم الحوثيون سواء بإغرائهم بالمال أو التهديد بالتصفية، ويذكرون أحداث ووقائع كثيرة تجعل هؤلاء الذين يُفتَرض أن يكونوا عيون الأمم المتحدة مصابين بالحول، إذ تُزَّور تقاريرهم الوقائع وتُبرئ الحوثيين، فيما توجَّه التُّهم للسلطة الشرعية ولقوات التحالف العربي، إلا أن تقاريرهم المزوَّرة تفضحها ما تنقله الصور التي تنقلها الأقمار الصناعية وتثبتها تقارير الغارات الأجنبية التي بقيت بعضها في صنعاء.
الآن يتلمس المراقبون بداية تحرك أممي لوضع حد لفشل الأمم المتحدة وانحياز موظفيها في اليمن، والبداية ما عرضه المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بضرورة تسليم ميناء الحديدة اليمني إلى جهة محايدة وتخليصه من هيمنة وتسلط الانقلابيين من جماعة الحوثيين وميليشيات علي عبدالله صالح. وهذا المقترح الذي وافقت عليه السلطة الشرعية برئاسة الرئيس هادي ورحبت به قوات التحالف العربي، تعارضه عصابات الحوثي وميليشيات علي عبدالله صالح، لأن تخليص ميناء الحديدة من سيطرتهم يعني تجريدهم من أكثر أسلحتهم التي جعلتهم يواصلون فرض سيطرتهم على اليمن ويواصلوا لعب دور العميل لملالي إيران، فمن خلال تلقيهم الأسلحة والمعدات القتالية وشحنات المرتزقة من المقاتلين الأفارقة وميليشيات حزب الله اللبناني والحشد الشيعي العراقي هي التي مكنتهم من البقاء كل هذه المدة، وإن تقلصت الأرض اليمنية التي يسيطرون عليها إلى عشرين بالمئة فقط، كما أنهم من خلال تسلطهم وسيطرتهم على البضائع التي ترد إلى اليمن عبر ميناء الحديدة، وشحنات الأغذية والمساعدات الإنسانية والطبية التي تصر الأمم المتحدة على أن يكون ميناء الحديدة المنفذ الوحيد لها، قد جعل من الانقلابيين من عصابات الحوثي وميليشيات علي عبدالله صالح «سلطة الأمر الواقع» مما جعل تجار اليمن وبالذات تجار صنعاء أسيرين لديهم يدفعون الجباية ويخضعون لكل ما يطلبون منهم، فيما تسرق المساعدات وشحنات الأدوية والمعدات الطبية ليُترك أهل اليمن يفتك بهم المرض وينهش الجوع أجسادهم.
كل هذا واضح ولم يعد من الممكن السكوت عنه، ولهذا، فإن اليمنيين وكل المجتمع الدولي يطالب الأمم المتحدة بسرعة معالجة وضع ميناء الحديدة ليقوم بالدور الذي أُنشئ من أجله، وأن لا يُترك أداة لقتل اليمنيين وتجويعهم، وإذا لم تستطع الأمم المتحدة تحقيق ذلك فلتترك ذلك للذين هبُّوا لنجدة اليمنيين والحفاظ على اليمن من احتلال وإيذاء ملالي إيران وعملائهم.