د. خيرية السقاف
الثامن من رمضان ويتململ حصانُـه, يُعدُّ سَرْجه, ولِجامَه..
ونحن أُمةٌ فارسة, نخوض الكرَّ, ونأبى الفرَّ إلاّ عن الزلل, والخطيئة,
والذلِّ, والفشل, والسوء, والبغي, والحقد, والضّعة..
نلفظ قاموس الوهن, والفراغ,
هكذا هم الفرسان !!
ورمضان حين أناخ بنا, أوقف جواده في ساحة وقتنا جاء بفروسيته يذكِّرنا ,
يفتح لنا الكتاب ويُـقرئنا, يعيد لنا السطور يُنبهنا, يشدنا حوله يلمنا, يحدثنا يُسْمِعُنا,
يبسط السِّفرَ بين عيوننا يُشْهِدنا..
فما الذي أبقيناه من كل ذلك, وحفِظنا ؟
وما الذي فيه ثابت ونسينا ؟!
الفرسان لا ينسون, الفرسان يوطدون, ويؤكدون..
لكن, قد سقط عنا في الرحلة الطويلة من أوراق السِّفر مئات الأوراق,
مع أنّ رمضان ذاته يحتفظ بالأصل منها..
إذ قفزنا عن المتون للحواشي, وحفظنا من السطور الهوامش..
مع أنّ رمضان بعد كل أحد عشر شهراً ينيخ فرسه بيننا
ينزل عن صهوته, يفترش لثلاثين بيننا, ويغادر !!
علّنا نعود للصهوة, وندرك المضمار, نتلو السِّفر في كل خطوة كرٍّ,
ونبقى فرساناً!!..
ثمانية من أيامه مضت, فما الذي قرأنا, تذكّرنا واسترجعنا, أدركنا وأعدنا, حبَّرنا وسنُبْقي ؟
بل ما الذي بصمنا من محبرتنا في سطور سِفره العظيم فأضفنا؟
أو استدركناه من الحواشي, وأعدناه للمتن فيه ؟!..
هل خرجنا من الهامش للمتن بإرادتنا طمعاً في ضوء, نعاف السهو, والغُمَّة ؟!
رمضان يوشك أن يمتطي صهوته, ويطلق قوادم فرسه, ويرحل..
فلنكرم وفادته أكثر,
لنقرأ سِفره بوعي,
لنأكل من طبقه بنهم الجياع,
لنحتسي من فراته بلهفة العطاشى,
لنكن شجعاناً على أنفسنا,
فرساناً في زمن تعكّرت فيه المضامير
وتعثّرت قوادم الجياد !!..