شهدت المملكة خلال العقد الأخير نموًّا اقتصاديًّا ملحوظًا على الأصعدة كافة؛ ما انعكس إيجابًا وبأثر واضح وملموس على حياة الفرد والمجتمع كله. وكما هو معلوم، فإن إيرادات النفط تُعتبر الركيزة والمصدر الأساسي الداعم لاقتصاد المملكة. وبحسب التصنيفات العالمية، تتربع المملكة على عرش أكبر دولة مصدِّرة للنفط في العالم؛ ما يجعلها تلعب دورًا أساسيًّا ومتفردًا في الإمساك بزمام قيادة منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" من واقع تأثيرها على دول الخليج والمنطقة العربية، ولامتلاكها ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، الذي يعادل في حجمه ربع الاحتياطي العالمي من النفط.
تعزيز قدرة الاقتصاد
وعلى الرغم من ذلك أثر تهاوي أسعار النفط العالمية على الاقتصاد السعودي بدءًا من منتصف العام 2014م؛ إذ تراجع سعره من (125) دولارًا أمريكي للبرميل إلى دون الـ (40) دولارًا؛ ما دفع بحكومتنا الرشيدة إلى التوجُّه والتوجيه نحو تعزيز قدرة الاقتصاد من خلال تنويع مصادره، وتحقيق معدل نمو إيجابي للقطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني، وتفعيل قدرة ونشاط العديد من المصادر البديلة، كالثروات المعدنية والزراعية وغيرها.
ولي ولي العهد.. فكر متقد.. ورؤى ثاقبة
ومنذ أن تولى صاحب السمو الملكي الأمير الشاب محمد بن سلمان منصب ولي ولي العهد شرع مباشرة في إعمال فكره المتقد ورؤاه الثاقبة في البحث عن حلول استراتيجية ممنهجة وقائمة على خطط واضحة الملامح والمقصد، تخرج البلاد من "دوامة" هيمنة أسعار النفط، وتقود اقتصاده نحو بر الأمان بكل سلاسة وحكمة؛ فكان ميلاد رؤية المملكة 2030، التي قال عنها سموه: "دائمًا ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى تلك التي تبنى على مكامن القوة".
وقفة.. وتساؤلات
دفعتنا هذه النقطة إلى أن نقف قليلاً مع أنفسنا ونتساءل: إلى متى سيظل النفط هو المصدر الأساسي والمهيمن الذي يعول عليه اقتصادنا؟! أما آن لنا أن نقهر هذا المارد بعزيمتنا وإصرارنا، وندفعه ليتقهقر ويتراجع نحو الوراء؛ ليحتل المرتبة الثانية من مصادر الدخل، إن لم نجعل منه مصدرًا ثانويًّا؟! خاصة أنه بمجرد البدء في تطبيق مبادرات برنامج التحول الوطني 2020، التي تعتبر الخطوة الأولى الرئيسة الممهدة والراسمة لخارطة طريق رؤية 2030، حتى برزت نتائج هذا الجهد تظهر للعيان واضحة وجلية.
انتعاش الإيرادات
ومن الإشراقات والإصلاحات الاقتصادية التي خلفتها رؤية المملكة ما شهدته الإيرادات غير النفطية من انتعاش كبير؛ إذ شكلت بنهاية العام المالي 2016م ما يقارب (38 %) من إجمالي إيرادات المملكة، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق لهذا النوع من الإيرادات، هذا بجانب ارتفاع إجمالي الإيرادات الفعلية في الميزانية العامة للربع الأول من العام الجاري 2017، بنحو (144.076) مليار ريال، بنسبة ارتفاع (72 %) عن الربع المماثل من العام الماضي، وهو ما يدحض تمامًا أي شكوك أو حتى مجرد تهيؤات حول نجاح الرؤية.
** **
- فهد بن أحمد العبدالعالي