الثقافية - سلطان المعتاز:
يطل المدير السابق للقناة الثقافية الإعلامي الأستاذ محمد بن إبراهيم الماضي عبر الجزيرة الثقافية من خلال هذا الحوار الشامل.. مستعرضاً جملة من المحاور التي حملتها إليه حول الثقافة والإعلام ومشاهد التأثير والتأثر عربياً ومحلياً وعلى المستويين التقليدي والحديث..
ويكشف الأستاذ الماضي عبر هذا الحوار محطات البدايات الأولى وتجربته في التلفزيون السعودي إلى أن قاد انطلاقة القناة الثقافية السعودية.. كما يشير إلى المواهب الإعلامية وخطوات بناء المهارة والتفوق المهني.. ملمحاً إلى تجربته في التأليف حيث أصدر أربعة كتب إلى جانب عدد من المشاريع التأليفية التي سترى النور قريباً.. فإلى صاحب «من كل بستان زهرة»:
* الإعلامي القدير الأستاذ محمد الماضي هل حدثتنا عن بدايتك الإعلامية ؟
بدأت ممارستي للعمل الإعلامي منذ سنوات طويلة بدراسته جامعياً في قسم الإعلام في جامعة الملك سعود قسم إذاعة وتلفزيون وبعد تخرجي منه عام 1401 هـ تم تعيني في التلفزيون السعودي و خلال هذه الأعوام تشرفت بخدمة هذا الجهاز الإعلامي المهم بتسلمي لقيادة العديد من إدارته المختلفة.. وإلى جانب العمل الإداري مارست العمل البرامجي ومن أهم البرامج التي قدمتها برنامج (من كل بستان زهرة) و الذي كان من حينها منصة إعلامية مهمة انطلق من خلالها إلى عالم الشهرة و النجومية الكثير من الأسماء التي تتواجد في المشهد الدرامي في المملكة و حصلت على جوائز ذهبية.
و خلال هذه المسيرة كنت حريصاً على أن أقدم البرامج التلفزيونية التي نكتشف من خلالها الكثير من المواهب في المملكة بشتى التخصصات وعبر هذه السنوات قدمت ألواناً مختلفة من البرامج منها الإعلامي ومنها المنوعات والثقافي .. وإدارة اقترحت إيجادها في القناة الأولى ومن ثم أدرتها في ما بعد وواصلت في عملي إلى منصب نائب مدير القناة الأولى وأخيراً تم تكليفي بالإشراف على القناة الثقافية السعودية.
* ماذا عن أبرز المواقف في بداية مشوارك الإعلامي ؟
لعل من أبرز المواقف التي لا تزال عالقة في الذاكرة وفرة الوظائف وسهولة الحصول عليها في ذلك الزمن بل كنا كمتخرجين من الجامعة نفاضل بين مسميات عديدة من الوظائف ونختار ما نراه مناسباً لنا.. والموقف الآخر وهو الأهم برأيي أننا قد كنا شباباً حديثي التخرج من الجامعة كنا بحاجة إلى دورات تدريبة وإلى من يأخذ بأيدينا ونحن شباب في بداية مشوارنا العملي لنفهم الوظائف والأدوار التي يعمل بمقتضاها التلفزيون.. وفي النهاية نجاحك يعود إلى ما تمتلكه من ثقافة وقدرة ورغبة في النجاح وما تمتلكه من روح المبادرة والرغبة في صنع الفارق بتقديم جهد مميز.. ومن المواقف التي لا أنساها إنني بعد أسبوعين من بدء عملي في التلفزيون كنت أتقدم بأول اقتراحاتي البرنامجية بدافع شخصي مني و ليس بتكليف من أحد كنت أحب العمل البرامجي وصناعة البرامج الناجحة و هذا يعطي مؤشراً إلى أهمية روح المبادرة و الرغبه في تحقيق النجاح.
* تجربتك في التأليف: كيف تصفها إلى قرائك ؟ وكيف ترى واقع القراءة والتأليف لدينا؟
هي تجربة بسيطة ومحدودة تمثلت في صدور عدد من الكتب منها كتاب (قصة التلفزيون السعودي) وكتاب (الإنسان كما أراه) وكتاب (من أين نبدأ) و كتاب (المشاهير بين الخجل والحياء) وهو جهد المقل فلم أكن متفرغاً للكتابة و التأليف حيث أخذت صناعة البرامج التلفزيونية الكثير من الوقت.. حالياً بعد تقاعدي أعمل على تأليف بعض الكتب وآمل أن تكون محققة لبعض أهدافي.
* ما الذي يميز الإعلام السعودي عن غيره وما هي الملامح التي تفوقه وتفرده ؟
يتميز الإعلام السعودي اليوم بتسيده للمشهد الفضائي العربي فأهم القنوات التلفزيونية التي تخاطب العقل العربي هي قنوات سعودية وأهم الصحف العربية الدولية هي صحف يملكها رأس مال سعودي و يعمل بها ويقودها سعوديون أهم الأسواق العربية ثقافياً وإعلامياً و إعلانياً هي السوق السعودية إذاً هذه بعض من عوامل تفرد و قوة الإعلام السعودي اليوم.
* ما الذي ينقص الإعلام العربي ليثبت قوته من واقع خبرتكم العريضة ؟
الذي ينقص الإعلام العربي الكثير أولاً الأوليات والسياسات وتراجع وتيرة العمل العربي المشترك وسيطرة الإقليمية الضيقة على البعض ولذلك يحتاج الإعلام العربي في هذه الأيام الصعبة إلى أن يراجع ذاته بشكل جدي ومن ذلك يراجع خطابه وأن يتعالى على المكاسب الذاتية ويحتاج لكي يكون قوة مهمة في مخاطبة المواطن العربي أن يراجع سياسته من جديد و أن يعمل على محافظة على الحد الأدنى من العمل العربي المشترك ويحتاج هذا الإعلام في هذا الوقت بالذات إلى تحكيم العقل والبعد عن العاطفة والإحساس بالمسؤولية تجاه الأوطان والشعوب.. يحتاج الإعلام العربي إلى خطاب يدعو للتعاون ونشر وقيم التسامح والمحبة والسلام و الاتحاد ونبذ لغة العداء والكراهية والتعصب.
* خمس سنوات قضيتها مديراً لقناة الثقافية.. ماذا أعطيتها وماذا أعطتك وماذا أخذتما من بعضكما ؟
خمس سنوات وعدة شهور هي المدة التي قضيتها في الثقافية بمقياس العمل والإنجاز تعادل ثلاثة أضعاف هذه المدة شرفني معالي الدكتور الوزير عبدالعزيز خوجه بثقته لتكليفي بالإشراف عليى هذه القناة التي أخذت من وقتي ومن جهدي الشيء الكثير؛ وباعتبارها قناة جديدة فقد رسمت لها كل التفاصيل حددت لها هدفها وتوجهها ووضعت لها رؤية وقدمت لها خلاصة العمر والتجربة في جهد دائم وعمل متواصل على مدي هذه السنوات وبحمد الله أنها اليوم وبشهادة الكثير من المتخصصين تتصدر القنوات العربية المماثلة لها في التخصص لم يأت هذا التفوق من فراغ فبدعم صاحب الفكرة والمشروع معالي الوزير خوجه و مساندته لنا أثمر في النهاية عن ميلاد قناة سعودية ناجحة وتم تحقيق هذا النجاح هذا النجاح في وقت قياسي جداً و في ظل معطيات وإمكانات غاية في التواضع على كل المستويات ولكن بعزيمة الرجال تم قهر الصعاب وأصبح لنا اليوم أن نتفاخر بهذا المنجز الإعلامي المتقدم؛ أعطيتها كل ما أملك وقتاً وجهداً وحباً وأعطتني مقابله محبة الجمهور و تقدير المسؤول.
* أي وسيلة من وسائل الإعلام ما زالت محتفظةً بتأثيرها في ظل الإعلام الجديد؟
جميع وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي كلها تأثرت بشكل كبير نظراً إلى واقع الصحافة الصعب محلياً و عالمياً التي تواجه فيه تحديات اقتصادية كبرى في ظل انخفاض عوائد الإعلان أدى بصحف كبرى في أمريكا وأوروبا إلى اختفاء الإصدار الورقي والاكتفاء بالإصدار الرقمي؛ وعربياً لعل توقف بعض الصحف العربية مؤشر على هذا التأثير وتوقف صحيفة السفير اللبنانية مثال ساطع على التحديات المختلفة التي تواجه الإعلام التقليدي في ظل سيطرة وهيمنة الإعلام الرقمي الجديد بما يتوافر له من عوامل تقنية وإعلامية واتصالية أسهمت في جعله يتصدر حجم المتابعة عربياً وعالمياً، الكل طاله التأثير.. ولكن السؤال المهم هو كيف تفاعل هذا الإعلام مع هذه التغيرات الكثيرة ؟ وكيف له أن يتكيف مع المعطيات الإعلامية والاتصالية و التقنية الجديدة؟.
* ما أهم وأبرز التغيرات التي حدثت بالإعلام العربي ؟
لعل من أهم وأبرز التغيرات التي حدثت بالإعلام العربي اليوم يمكن قراءتها من خلال التقرير الذي صدر عن نادي دبي للصحافة «نظرة على الإعلام العربي» والذي نشر منذ أيام قليلة ماضية بقراءة هذا التقرير المهم والذي صدر بأرقام وإحصائية تعرف أهم التغيرات التي حدثت في الإعلام العربي وإلى أين سيذهب هذ الإعلام مستقبلاً ؟ هذا التقرير غاية في الأهمية كونه صدر بلغة الأرقام وكما هو أنه معروف لغة محايدة لا تعرف العواطف ولا المجاملات.. وأعتقد أنه بقراءة هذا التقرير ستتعرف على الفضائيات التي تصدرت المهنه الفضائية ونعرف من الأول ومن الأخير وأرى لكل ذلك ضرورة أن يطلع عليه كل صناع الإعلام ومن بيدهم صنع القرار فيه فهو يحمل دلالات مهمة وهذه الأرقام وتفسيرها وتحليلها ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكل المعنيين به في الوطن العربي هذا التقرير يلخص واقع الإعلام العربي بكل أشكاله ويقدمه في أرقام دالة وتتطلب من أصحاب القرار مراجعة قراءة التقرير والبحث في كيفية الاستفادة منه كخارطة طريق للنهوض بالإعلام العربي.
* من هو الإعلامي الناجح ؟
تحديد مفهوم الإعلامي الناجح من الصعوبة بمكان إلا أنه مع ذلك يمكن تحديد بعض العوامل التي يمكن برأيي أن تصنع الإعلامي الناجح.
أولاً: لابد لمن يزاول هذا العمل أو المهنة أن يأخذها على أنها رسالة يؤديها ويقدم بها خدمة لمجتمعة
ثانياً: على الإعلامي لكي يحقق نجاحاً أن يكون موهوباً ومن ثم لا بد له أن يدرسها علمياً في الجامعات والأكادميات بحيث يتعرف على أبجديات المهنة التي يريد أن يزاولها.
ثالثاً: لابد أن يعمل على تطوير نفسه وتزويدها بالعلوم والمعارف ومواكبة اهم التغيرات وذلك عبر التديرب المستمر في المعاهد المعروفة باحترافيتها في هذا المجال.
رابعاً: من المهم أن يكون قارئاً جيداً ومتابعاً لكل الإصدارات الحديثة من الكتب سواء في مجال التخصص أو في مجالات المعرفة المختلفة و لابد أن يعمل على بناء علاقات واسعه مع أفراد المجتمع بالذات مع من يتصدرون المشهد العام سوف يكونون مصادر مهمة يكسب منها صناعة أخبار وعمل لقاءت تكسبه الاحترافية وتحقق المكانة التي يطمح إليها
خامساً: لابد له من الاطلاع والإحاطة بتجارب رواد الصحافة السعودية والعربية والعالمية, وهذا سوف يمثل الإلهام لنفسه والقدوة ويكسبه تجارب وخبرات تسهم في تقدمه المهني.
سادساً: لابد أن يعمل على بناء علاقات واسعة مع أفراد المجتمع وبالذات مع من يتصدرون المشهد العام سوف يكونون مصادر مهمة يكسب منها صناعة أخبار وعمل لقاءات تكسبه الاحترافية و تحقق المكانة التي يطمع إليها
سابعاً: من المهم أن يكون طموحاً يدخل هذا المجال وعينه على أكبر مكان فيه ثم يسعى بعمله و جهده لكي يحقق آماله وأحلامه.
* كيف ترى مستقبل الإعلام التقليدي في ظل تطور وسائل التواصل الحديثة؟
أرى أن مستقبل الإعلام التقليدي في ظل تطور وسائل التواصل الحديثة يواجه تحديات كبرى وهذه التحديات تتطلب استجابات في مستوى هذه التحديات ما نراه اليوم أنه الإعلام الرقمي بدأ يسحب البساط من تحت أقدام الإعلام التقليدي و لعل تصدره بنسبة 41 % للمشهد الإعلامي العربي وفق ما جاء في تقرير دبي للصحافة الأخير ثم يأتي من بعده التلفزيون 30 % والراديو 13 % والكتب 8 % الصحف والمجلات 9 % هو مؤشر تحذير الإعلام التقليدي بحجم التحديات التي يواجهها الآن ومستقبلاً وإذا لم يتم التعامل بجدية وفاعلية مع هذه الأرقام المعلنة فلن يكون المستقبل بأفضل من اليوم.
هذه التحديات تتطلب عمل مراجعة شاملة ودراسة موضوعية لهذا الواقع والبحث عن حلول غير تقليدية.. هذا التحدي يتطلب فكر جديد بمنظور جديد لإعادة الدافعية والإنتاجية والقدرة على المنافسة من جديد لهذا الإعلام وفق شروط وأوضاع المرحلة الجديدة.