رمضان جريدي العنزي
الوطنية لا تباع ولا تشترى في البازارات وأسواق الاتزاز، ولا تؤجر ولا يؤخذ عليها مال ولا فدية ولا تنطبق عليها شروط الضريبة والزكاة، وهي ليست سلعة معروضة للبيع لمن يرغب في البيع أو يزايد أو يريد الشراء، أو أثاثاً منقولا، أو حلي ومجوهرات ودانات وأحجاراً كريمة، أو شعاراً زائفاً، أو لافتة مارقة، وليست أسهماً تتداول في بورصة المال صعوداً وهبوطاً، ربحاً وخسارة، وليست رتبا أو درجات أو مسميات وظيفية، أو مجرد شيلة أو قصيدة أو حكاية عابرة تناقلها الأفواه، أو لغزاً محيراً يراد حله، أو أحجية غامضة، أو مجرد طلاسم وخرافة وتهويمات، ومهرجانات وجوائز وإهداءات، أو حديثاً يحكى للمرح والتسلية، أو رمزية في الكلام والاختفاء وراء مصطلحات وعبارات مطاطة، أو قرارات زائفة، أو تصنيفا مجحفا وجائرا، أو محاولة تهميش وإلغاء، أو انغماسا في النبش، أو تشويها متعمدا، أو قرارا تعسفيا، أو وعدا زائفا، أو ارتجالاً مضراً، أو تأطيراً للتثبيط والتيئيس والإحباط، أو تغييب قيم العدل، أو ابتكار المصدات والحفر والمعاقات، أوالتفنن في صنع المآزق والمعضلات، أو وضع الحواجز والأغلال والقيود، أو نهج استرزاق، أو صنع بطولة زائفة، أو محاولة تفرد وتميز، الوطنية انتماء وولاء واندماج وتفاعل ودم وجغرافيا وشعور وعلم ورعشة وروح وجسد وعطاء وتضحية وفداء ومبادئ وقيم وأخلاق ومسؤولية وتعايش مشترك، وحتى لا تكون الوطنية مجرد سلعة ومزادا وقصصا، أو كعكة لذيذة نتناولها ثم نمضي، على البعض أن يكون أكثر وعياَ وإدراكاً وعقلانية وحكمة ورؤية ثاقبة وبعيدة المدى من أجل الحفاظ على هذا الوطن الكبير ومرتكزاته من انحرافات المنحرفين، ودسائس المندسين، وحقد الحاقدين، وبغض المبغضين، ولدغ الثعابين، ولسع العقارب، وشؤوم الغربان، المؤدلجين بالتشنج والزعيق والنعيق، المتاجرين بالعواطف الزائفة الجوفاء، الناهبين للياقوتة الحمراء، الممتلئة عقولهم بالرياء، المشقلبين للحقائق، وتحريف الوقائع، والمحولين الأشياء الناعمة لمواد حارقة، الناشرين للتقارير الملفقة، والمروجين للمعلومة الزائفة، والذائعين للأخبار الكاذبة، المتحولين لمعاول هدم، وبلدوزرات هادمة، الساعين لتجزئتنا وتصنيفنا وتقسيمنا، إن علينا أن ننشغل بتنمية وطننا وازدهاره وعلو شأنه، وأن لا نغفل عنه طرفة عين، وأن نتوسع بحبه وحفظه وترقيته ووده، وأن نقبله دائماً ما بين العين والعين، ونضعه ما بين النحر والسحر وفي حجراتالقلب الأربعة، وتجاويف الشرايين والأوردة، علينا جميعاً أن نجنح لنكون أكثر إنسانية ووطنية وتعاملاً مع كافة الشرائح والطبقات الاجتماعية وتحت أي مسمى أو عرق أو انتماء، علينا أن نكون بساتين ورد، وحقول حنطة، وجداول ماء، وعرائش ظل، كل في موقعه ووظيفته، ولا نكون خناجر مغروسة في رؤوسها السم الزعاف، تضرب البطن والخاصرة، محاولة القضاء على كل ما هو وطني وإنساني وجميل، علينا أن نجعل الوطن ينام في عقولنا، ويستوطن أرواحنا، ونتنفسه في رئاتنا، ونتوسده أمناً وأماناً وطمأنينة، بعيداً عن ازدواجية القيم والمعايير، وازدواجية العمل والقرار والمعاملة، والسلوكيات الخاطئة، اللهم احفظ وطننا من شر الأشرار، وكيد الفجار.