لا يخلو نظام تعليمي من مشكلات مهما بلغ من التقدم لكن المستوى التعليمي في المملكة أصبح في وضع يحتاج إلى وقفة حازمة. بطبيعة الحال في المملكة الكثير من النوابغ والمتفوقين لكن إحصائيات عالمية بينت أن المملكة تحلُّ في المراكز الأخيرة في التعليم، حيث لاحظنا ان مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2015 - 2016م في 30 سبتمبر أن المملكة العربية السعودية في المرتبة 54 بين 140 دولة شملها مؤشر الجودة، ولعلّ ما نراه رأي العين من تدني المستوى وصعوبة إتقان المهارات الأساسية للدارسين أبلغ من تلك الدراسات.
وبرأيي المتواضع أن أسباب التدني في المنافسة تكمن في ضعف آلية اختيار أعضاء التدريس باعتبارها وظائف شاغرة تشغل بأدنى المتطلبات وبالتالي فإنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، إضافة إلى التساهل في الحضور طوال العام الدراسي ما يؤثر على قدرة المعلم/ة على إكمال المنهج حسب الجدول الزمني المُعدُّ له، ويعمد المعلمون والمعلمات بتحديد الأسطر للطلاب لتسهيل المذاكرة والاستعداد للامتحانات، وأحياناً تجود أنفسهم الرحيمة بالتلاميذ بتحديد أسئلة الاختبار والبعض يعدُّ ملخصات تصل إلى أربع ورقات تختزل المنهج كاملاً وتحذف أغلب أجزاؤه ما يشوّه المحتوى ويقلص مهارات البحث والاستذكار.
أما معلمو ومعلمات المدارس الخاصة فقد أصبحنا مثل بعض الدول الأخرى التي تسوق فيها المدرسة لحصص التقوية المسائية لجني المزيد من الأموال وتضخيم الإيرادات، بينما يسوِّق المعلمون مهاراتهم وقدرتهم على تقديم الدروس الخصوصية. وحتى يختصروا المسافة عليهم يقومون بتحفيظ طلبة الدروس الخصوصية (المتميزون بجدارة) أسئلة الامتحانات ليحل في ترتيب متقدم ويصبح أفضل الموجودين (بالغش والفساد) وبالتالي يضمن (عملاء) الفصول الدراسية القادمة.
لعلَّ وزارة التعليم تنبهت لذلك وبدأت هذه السنة فرض وضع أسئلة الامتحان النهائي لمادة واحدة من الوزارة لجميع صفوف المرحلة المتوسطة - وهو أمر محمودٌ ورائع تشكر الوزارة عليه - نرجو التقيد في التنفيذ.
ليت الوزارة تدرس إضافة مؤشر أداء ملموس يضاف لمؤشرات أداء قادة المدارس، يتمثل بشكل أساسي في قياس معدّل نتائج طلاب كل مدرسة في اختبارات (قياس)، وأعتقد أن معلومات المدارس ضمن المعلومات الأساسية للتسجيل في قياس ومن السهولة تحديد تلك المؤشرات خصوصاً لطلاب المراحل المتوسطة والثانوية.
شهدنا تعيين عدد من وزراء التعليم ولم يتغير مستوى طلابنا وطالباتنا، لأن التغيير لم يصل إلى الصف الميداني إضافة إلى ضعف آلية الثواب والعقاب باعتبار المعلم (موظفاً) لا يشجع فيه الإبداع بشكل كافٍ.
لا أدري ماذا ستفعل الوزارة مع منسوبيها في قطاع التعليم خلال العام القادم مع مدرسين وطلبة يصعب عليهم العمل في شهر رمضان المبارك، هل ستغير موعد الامتحانات من أجل نفسياتهم ومواعيد نومهم؟ أتمنى ألا يحدث ذلك لكي لا نصنع جيلاً رخواً لا يستطيع التأقلم من أبسط متغيرات الحياة.
لا مناص عن تحسين مخرجات التعليم وربطها بالواقع والمستقبل لدولةٍ تحتاج سواعد فتية لتحقيق رؤيةٍ طموحة تعتمد على العنصر البشري وكفاءته. بناء جيل المستقبل يبدأ من مراحل مبكرة في ترسيخ ثقافة الأمانة في العمل وعدم تقبل الغش بمسمى المساعدة والاستغلال بمسمى التطوير، إضافة إلى ترسيخ ثقافة الاهتمام بالوقت والانضباط وكلها مواطن ضعف في نظامنا التعليمي. كلنا أمل في مستقبلٍ مشرق بإذن الله.
- منال المالكي