وهَا قدْ التأم شمل العرب والمسلمين هنا في الرياض، في قمة تاريخية جمعتهم مع خادم الحرمين الشريفين، والرئيس «ترامب» رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي اختار المملكة العربية السعودية، لتكون أول محطة يقصدها في رحلته خارج بلاده، منذ توليه الرئاسة، مقدِّرًا مكانة المملكة ودورها على الساحة العربية والإسلامية والدولية، تلك المكانة التي ترسَّخت وتأكدت، ولم تعد في حاجة إلى إقامةِ حجةٍ أو إثباتِ دليلٍ، فقد نجحت المملكة وتفوَّقت في أن تجمع وتعقد في حضن عاصمتها الرياض ثلاثَ قممٍ ناجحة بكل مقاييس النجاح، وبأرقى معايير الإتقان الذي شهد العالم به للمملكة، وأشاد به العدو قبل الصديق، إلا مَن كان في قلبه مرضٌ عُضَال، أو حقدٌ دفين.
ولقد أصبحت النجاحات التي حققتها المملكة مضرب المثل في التخطيط والتنظيم وفي التنفيذ والمتابعة، وعكست تلك النجاحات المتميزة حجم الجهود الواعية المخلصة من قيادة هذا الوطن، المعتمدة على ربِّها، والواثقة بأبناء هذا الوطن الأوفياء المخلصين، والمتخصصين في مختلف المجالات الأمنية والدبلوماسية والإعلامية والتنظيمية وغيرها، فقد أثبتوا - ومن خلال منظومة متكاملة من جهودهم - أثبتوا تلك المقدرة الفائقة لوطننا على التميز في العطاء، والجودة في الأداء، وأظهرت جهودهم للمتابعين في مختلف أنحاء العالم أن أبناء المملكة أصبحوا على مستوى من الإعداد والتخصص والكفاءة يمكِّنهم من الانخراط في عالم المنافسة الدولية في مختلف الميادين..
ولست مبالغًا أو مُتعدِّيًا الحقيقةَ والواقع، عندما أقول إن هذه الصورة المشرفة لأجهزة الدولة التي ظهرت بها، للتحضير للقمم التاريخية - والتي انبهر لها العالم - تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن روح الوطنية الصادقة كانت محركًا يقف وراء نجاحهم، وأن اللُّحمة بين القائد والرعية التي تتميز بها بلادنا كانت حافزًا على المزيد من العطاء المتميز لأبناء الوطن وهم ينظمون وينسقون لاستقبال الوفود، ضيوف خادم الحرمين الشريفين على أرض هذا الوطن المعطاء، وسيظل النجاح الذي تحقق مضرب المثل لمن أراد أن يأخذ العبر والعظات من تاريخ الأمم والشعوب ونجاحاتها الباهرة.
ولقد أثمر ذلك النجاح في الإعداد والتنفيذ ثمرات متميزة، جاء في قمتها ذلك الإجماع الذي تبنَّى فيه قادة الدول المجتمعة رؤية واضحة ومحددة لمحاربة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، ومكافحة وسائل إعداده وتجنيده أو الترويج لأفكاره الهدامة، وكأنَّ لسان الحال ينطق قائلاً لمن يقف وراء الإرهاب داعمًا ومؤيدًا: «قف مكانك، وارجع عن غيِّك، فلن يسكت عليك أحد بعد اليوم، فقد نفد صبر العالم، بعد أن اكتوى بنار الإرهاب الأسود». وقد بات جليًّا أن أعداء هذه الأمة الذين يروجون للإرهاب، قد آن أوان مواجهتهم وبلا هوادة، وأن القادة المسلمين والعرب ومعهم صديقهم قد أجمعوا أمرهم على المواجهة الحاسمة، وأنهم سيشرعون مختلف الأسلحة لمحاربة الإرهاب، وفي هذا الميدان فقد جاء افتتاح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» الذي دشَّنه خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، بحضور الرئيس الأمريكي وقادة الدول العربية والإسلامية وقامت على تأسيسه عدد من الدول، واختارت الرياض مقرًّا له، جاء هذا المركز ليكون مرجعاً رئيساً في مكافحة الفكر المتطرف، من خلال رصْده وتحليله؛ للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات لنشر وتعزيز ثقافة الاعتدال التي هي من صميم تعاليم الدين الحنيف، وكلُّ هذا من شأنه أن يوفِّر أداة حاسمة لمواجهة أعداء الأمة، لما يمتلكه هذا المركز من إمكانات تقنية معاصرة، يقف وراء توظيفها أبناءُ المملكة المتخصصين الماهرين، القادرين على رصد المعلومات والتعامل معها ومعالجتها بسرعة فائقة لا تتجاوز ست ثوانٍ فقط، بما يتيح مستويات غير مسبوقة في مكافحة الأنشطة المتطرفة في الفضاء الرقمي.
فليرتدع أعداء الأمة الإسلامية الذين عزلوا أنفسهم عن مسيرة الخير والسلام، وليعلموا أن المملكة العربية السعودية ستظل حصنًا للإسلام، بقيادتها الواعية، وأبنائها المخلصين، الذين أثبتوا للعالم قدرتهم الفائقة على العطاء والتميز في مختلف المجالات.
حفظ الله لنا قيادتنا ووطننا، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان.
** **
- وكيل الوزارة، بوزارة الثقافة والإعلام، سابقًا