د. ناهد باشطح
فاصلة:
((حرفة متقنة تساوي أكثر من إرث ضخم)) - حكمة عالمية-
يظل الصراع قائما في كل المهن بين المهنية والجودة وبين اللامهنية وعدم الجودة رغم ايماني بأن الممتهنين هم الذين يصنعون الفرق. وفي مهنة الاعلام تحديدا تكمن الصعوبة في التعامل مع الجمهور بمختلف أطيافه.
ورغم أن النظريات العلمية تؤكد رعوية الجمهور بمعنى أنه لا يستطيع الانفصال عن سلوك الرعية المغرق في الخضوع للسلطة في المجتمع سياسية كانت ام دينية الا انني اراهن على وعي الجمهور واختلافه عن جمهور العصور الماضية.
جمهور اليوم لديه وعي اكبر نتيجة لانفتاحه على المعلومات بشكل لم تعد وسائل الاعلام التقليدية قادرة على التحكم فيها لكن الجماهير حين تغضب فإنها -كما يرى د. محمد المهدي في مقالته عن سيكلوجية الجماهير - تتحرك كديناصور ضخم باتجاه التغيير بشرط تأسيس ما يسمى بالكتلة الحرجة التي تتكون بإحدى طريقتين:
«1 - التراكم: وذلك بالزيادة الكمية على فترات طويلة نسبيا من الزمن حتى تصل إلى مستوى يؤدي حتماً إلى التغيير.
2 - الطفرة: وتحدث حين تستفز مشاعر الجماهير بشكل مؤثر ومفاجئ خاصة فيما يمس لقمة عيشها أو مشاعرها الدينية أو كرامتها الوطنية».
إذن الرهان على وعي الجمهور ليس ضرباً من الخيال بل هو التحدي الذي تواجهه مهنة الاعلام التي تغيرت أدواتها بشكل كامل عن قواعدها التقليدية.
لم يعد مقبولاً أن تخدع الجمهور وقتا طويلا ولن تستطيع لأن الجمهور ما عاد ذلك الحشد المتلقي بسلبية بل اصبح مشاركا في نشر المعلومة وهذا ما يجعله يقترب اكثر من مهنة الاعلام ويدرك تأثير النشر مهما كانت الوسائل. ولذلك لا اقتنع ان تقدم الخدمات الضعيفة او المتواضعة في مهنة الاعلام لاي مبرر كان فاما ان تكون رسالة الاعلام الوعي والتنوير وأما لا يكون إذ لا يوجد منطقة وسطى في مهنة خطيرة كالاعلام.