محمد المنيف
تأتي الرياح أحيانا مربكة مغبرة تكاد تفقد الفنانين بوصلة الطريق على اختلاف مستوياتهم من أصحاب خبرات أو مواهب واعدة تمتلك القدرات الشابة وأخرى هواة ليس لها نفس طويل، وأحياناً تأتي الرياح بشائر للتغيير نحو التطوير كما هي رياح تشكيل وتوجيه السحاب بأمر الله إلى النزول على أراض وديار تحيا فيها الشجر ويعم الاخضرار ويكثر فيها الثمار الصالحة، هذه هي الرياح التي ستضع الفن التشكيلي في مساره الصحيح، متمثلة في الدراسات والخطط التي تعد لهذا الفن وعلى مستوى عال من الخبرات وبقيادة مؤسسات وجهات متمكنة من تنفيذ ما ستخرج به تلك الدراسات والخطط.
هذا التوجه الذي نراقب تحركه ونأمل في اكتمال مقومات تنفيذه وسعدت بالمشاركة في بعض منه مصدر فخر لهذا الفن ونقلة عالمية التوجه محلية الهوية والمخرجات ستعطي للمبدعين الرواد والمخضرمين الأحياء والراحلين حقهم من التوثيق والاحتفاظ بتاريخهم، وسيضع ذلك التحرك مسارات لكل جيل ولكل مستوى وسيرتفع سقف الارتقاء بالأعمال التي تمثل بدايات انطلاقة الفن التشكيلي السعودي، وكذلك الأعمال المكتملة البناء والبنية على أسس فنية في الفكرة والتنفيذ عبر متاحف عالية التجهيز متصلة ومتواصلة مع مثيلاتها العالمية، وبمؤسسات تدرس جدوى تأسيس معاهد لتأهيل الراغبين في تلقي أبجديات هذا الفن وسبل التمكن منه على أسس علمية نظرية وعملية، ستمنح كل صاحب موهبة بفرص لا تتعارض مع دراسته الجامعية أو وقت عمله الوظيفي من خلال الدراسة المسائية في تلك المعاهد، إضافة إلى ما يعد من دراسات للوضع الغير واضح لصالات العرض التي تسوق الأعمال الفنية وجعلها ضمن إطار منظم يتبع جهات رسمية معنية بالثقافة أو الفنون تجمع التقيد بالشروط المنظمة لما يتم عرضه وما يرتقي بالذائقة ويزيد من نسبة المقتنين للأعمال الفنية من الداخل والخارج.
إن الفن التشكيلي السعودي يسير نحو ضفة جديدة في نهر ثقافة الوطن ويتقدم بخطوات ليكون جزءاً من الاستثمار كصناعة إبداعية أسوة بمثيلاتها عالمياً، وهذا أمر ليس صعباً في حال انجاز ما تطرقنا إليه.