سعد بن عبدالقادر القويعي
مع وقت كتابة هذا التحليل حول الانفجار الإرهابي الذي وقع في مدينة «مانشستر» بالمملكة المتحدة, والذي حصد كثيراًً من حالات الذعر في أوساط المسلمين - أنفسهم -؛ جراء الضغط المتراكم من أزمة اللاجئين، والتطرف المتنامي حول العالم، والمشهد السياسي الاستقطابي، وكسر الجدار الأمني العازل في نفوس البريطانيين، والتي ستشهد على ضوئها تغيرات دراماتيكية في السياسة الخارجية البريطانية، وإعادة تقدير المواقف عندما تكون طرفا رئيسا في مواجهة ما.
الحقيقة السياسية الأكيدة تقول: إن من بين أكثر العناصر تطرفًا، وتشبعًا بالفكر الداعشي الظلامي، والبيئة الحاضنة التي تفرخ المتطرفين، هم أولئك الذين يتمتعون بقدر عال من الثبات الانفعالي، وقدرات عالية من التجهيز التدريبي، والتعامل مع كافة أنواع الأسلحة، - وبالتالي - ستحفز العمليات الإرهابية على زيادة الهجمات ضد مدى واسع من الأهداف - القريبة والبعيدة -، والتي يعانيها التطرُّف الإرهابي؛ من أجل استعراض حيوية داعش، بغض النظر عن معياره لاستنباتها، أو تبرعمها في البنية - الذهنية والنفسية - للتنظيم .
تكثر الأقاويل، وتتعدد القراءات حول الأثر الدعائي الواسع لمستوى الضلال الفكري لدى الجماعات الإرهابية، والتي يمكن توظيفها، واستثمارها بسهولة، وتحقيق نجاح واسع بأقل التكاليف، - خصوصا - من حيث حجم تواجد التنظيم الداعشي، وعدد أعضائه، وتشخيص نشاطهم التنظيمي، والإيديولوجي، وتنشيط أنصاره ؛ حتى ولو كانت كرد فعل على الهزائم المتكررة التي يتعرض لها في سوريا، والعراق، ومستفيدًا - في الوقت نفسه - من مؤازرة السياق الذي يلعب فيه التوتر في المنطقة الدور الأبرز .
في مضمار الرؤية الاستراتيجية البريطانية، فإن الأمن الداخلي هو مسؤولية الدولة، ومدى قدرتها على حماية أراضياها ضد الإرهاب، وتتبع الثغرات - الأمنية والاستخبارية - التي سهلت على الإرهابيين القيام بالعمل الإجرامي ؛ ولأجل أن تحفظ امنها الداخلي، وتتغلب على النزعات المتطرفة، والتي أثارتها أزمة التفجيرات - الأخيرة -، ومحاولة القضاء عليها، أو على الأقل تحجيم نفوذها، ونشاطها، فإن ذلك يستدعي التعاون، والتنسيق الأمني الكبير مع دول الاتحاد الأوربي، وغيره من دول العالم ؛ شريطة عدم الانسياق إلى سياسيات أمنية جائرة ، يمكن أن تأتى بنتائج عكسية.