جاسر عبدالعزيز الجاسر
كثيرا ما انتقدنا في هذه الزاوية المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ، وهو يجمعنا مع الكثير من الإعلاميين والمحللين السياسيين في اليمن، لتعامله المجامل للانقلابيين من الحوثيين وفلول الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فولد الشيخ كثيراً ما تغاضى عن تجاوزات الانقلابيين بأمل أن يؤدي انخراطهم في المباحثات التي يجريها المبعوث الأممي إلى إنهاء انقلابهم الذي أودى باليمن إلى الحالة البائسة التي غطت كل محافظات اليمن الذي أدخله الانقلابيون في نفق مثلث أضلاعه الحرب والجوع والمرض.
إسماعيل ولد الشيخ تحمل تعنت وحتى إساءات الانقلابيين، والتي ظلت تتصاعد وبأشكال استفزازية متعمدة إلى أن وصلت تجاوزاتهم إلى مستوى تهديده بالقتل من خلال قيام غوغائيهم ومسلحيهم باعتراض موكبه أثناء توجهه إلى مقر إقامته بعد وصوله إلى مطار صنعاء، حيث تعرض الموكب إلى إطلاق النار عليه فضلاً عن رمي الفضلات بطريقة تظهر استهتار وإهانة الأمم المتحدة ومبعوثها الذي يبذل جهوداً مضنية لانتشال اليمن من الوضع المتردي الذي أوصلته إليه مليشيات الانقلابيون وبالذات عصابات الحوثيين.
إسماعيل ولد الشيخ طفح الكيل لديه ورغم تعلقه بأمل ضئيل بأن يعود الحوثيون وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح عن غيهم ويفضلوا مصلحة وطنهم اليمن وأن لا يكونوا أدوات طيعة لمن يريد تدمير اليمن، وهم ملالي إيران ونظامه الذي لم يعد خافياً على الجميع وفي مقدمتهم اليمنيون تدخلاتهم التي أخرت البلاد وأدخلته في حرب ضروس خلفت الجوع ونشرت الأمراض الوبائية ومن أخطرها مرض الكوليرا الذي حصد المئات من اليمنيين.
المبعوث الأممي الذي طفح لديه الكيل من سلوك الحوثيين بدأ يخرج عن تحفظه السابق وبدأ يوجه انتقاداته لهم ويكشف عدم تعاونهم وسلبيتهم بل وعرقلتهم للمساعي التي تبذلها الأمم المتحدة والوسطاء لوقف الحرب في اليمن ومعالجة الأزمات التي تفشت في البلاد بعد استيلائهم على السلطة. وأوضح أن الحوثيين لم يوفوا بوعودهم بإرسال فريف التفاوض التابع للحوثيين لمناقشة اقتراحه الخاص بمحافظة الحديدة التي تعاني من الجوع وأنها تتجه لانهيار الخدمات الصحية والعامة فيها بعد سيطرة مليشيات الانقلابيين عليها والتي تشارك صنعاء وعمران وصعدة وآب الأوضاع المأساوية من خلال تفشي مرض الكوليرا وازدياد حالات الجوع، وهي المحافظات التي تخضع لحكم الانقلابيين، ورغم أن مقترح إسماعيل ولد الشيخ يسعى لمعالجة مشاكل الحديدة، بل وحتى صنعاء من خلال تهيئة الأوضاع في الحديدة كميناء رئيس تأتي من خلاله المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية لليمن، إلا أن الحوثيين تخلفوا ولم يحضروا الاجتماع المقرر، تلك الواقعة والكثير من العراقيل التي يضعها الحوثيون في طريق عمل المبعوث الدولي كشفها أمام مجلس الأمن الدولي بأمل أن يتحرك المجلس الدولي ويضطلع المجتمع الدولي بدوره لإنقاذ اليمن من جرائم عصابات ومليشيات الحوثيين وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
شكوى ومناشدة ولد الشيخ مجلس الأمن وضع حداً لتجاوزات الانقلابيين وأثارت ثائرة الحوثيين وهدد ما يسمى برئيس اللجنة الثورية التي تستلب السلطة في صنعاء يحيى الحوثي بمقاطعة المبعوث الأممي زاعماً بأنه منحاز إلى التحالف العربي.
إسماعيل ولد الشيخ بدأ يقدم بعضاً من تجاوزات الحوثيين الذين يزدادون غياً وإجراماً بحق اليمنيين، وهو يفرض أن يتم حزم الأمر من قبل مجلس الأمن الدولي لإنهاء تمرد وانقلاب الحوثيين وإنقاذ اليمن قبل أن تصل الأوضاع إلى حالة لا يمكن علاجها بعد تصاعد مثلث الكارثة «الحرب والجوع والمرض».