أهدى الزميل محمد بن عبدالعزيز اليحياء كتابه «رائحة أمي» إلى والدته. والكتاب يتضمن مجموعة من القصص القصيرة، من أبرزها قصة تحمل الاسم نفس (رائحة أمي)، إضافة إلى قصص أخرى، مثل: الطفيلي، بائعة القرصان، حمد وهيا البنغاليان، عسل بطعم الحنظل، كيدهن عظيم، وريقات العمر، ويوم ممطر.
وجاء في قصته «رائحة أمي»: هي ابنته الكبرى بين ثلاث بنات، كل واحدة منهن أطيب من الأخرى، كان يشعر بأنها الوحيدة في بناته الحساسة جدًّا، رغم طيبة قلبها، كانت سريعة الانفعال، لكنها كانت كذلك أسرع في الاعتذار والاعتراف بالخطأ والسؤال عن والدها.
كان الأب غير مرتب في غرفته، لكنها ووالدتها كانتا حريصتين على ترتيبها، لكنها تتميز عن والدتها بأنها تضع كل شيء في مكانه.
ويروي المؤلف قصة غريبة، بطلها رجل تجاوز الخمسين. يقول: كان يمكث في مقر عمله بعد نهاية الدوام الرسمي، لا لشيء إلا من أجل إشباع فضوله وتأمل المكان والمكاتب الفارغة، بل ربما ينهمك في فتح مكاتب وخزائن زملائه الموظفين وتقليب بعض أغراضهم، حتى أن نفسه تتهاوى، ويصبح ضعيفًا إلى درجة أنه قد يأكل بواقي الأطعمة والبسكويت!
وفي قصة وريقات العمر يحكي المؤلف قصة رجل تعوَّد كل صباح على قطع ورقة التقويم.. ويقول: في أحد الأيام، وبينما كان يهم بانتزاع إحدى الوريقات كعادته، توقف قليلاً وقال كأنه يحدِّث أحدًا ما، لو أنه توقف عن قطع تلك الوريقات هل سيتوقف العمر؟
وسيظل ذلك اليوم كما هو؟ وهل نزعي تلك الوريقات من قبيل أنني أعجل بأجلي ونهاية حياتي؟ تُرى، هل عندما أهمّ بانتزاعها واحدة تلو الأخرى أحاسب نفسي؟
ماذا فعلت في ذلك اليوم من أعمال خير وشر؟
وكيف أكفِّر عن الأخطاء وأفعال الشر التي ارتكبتها تجاه الآخرين؟
وبعد استعادته وعيه من ذلك التفكير العميق قرر أن لا يقطع وريقة اليوم الذي أفل إلا بعد أن يراجع نفسه، ويعرف هل أساء لأحد، ثم يقوم بالاعتذار إليه؛ لكي يستقبل اليوم الذي يليه وهو راضٍ عن نفسه متسامح ممن يتصور أنه أخطأ بحقهم حتى وإن كانوا أهل بيته.