د.محمد بن عبدالرحمن البشر
لم يعد من شك عند أي منصف أن المملكة العربية السعودية نجحت نجاحاً باهراً في القمم التي عقدت في الرياض، ولم يبق لبصير من قول سوى ترسيخ صورة نجاح تحققت، ويكفي أن يكون رئيس أقوى دولة في العالم قد قدم إلى المملكة في أول زيارة خارجية له، ويكفي أن تستطيع المملكة استضافة جميع قادة وممثلي الدول الإسلامية تحت مظلتها، ما عدا من أبى من خلال سلوكه غير المقبول، ونمط سياسته التي لاتجد لها مؤيداً في هذا العالم الفسيح.
خرج المؤتمر ببيان، ونال من الجميع الاستحسان، وطابت النفوس، وأمل الميؤوس، ورمى بثقله خلف المؤتمر، لأنه يرى نتائج على الواقع، لا تحتاج إلى مدافع، فأناخ بمطيه الأمل، ودرأ عنه الملل. سرت الأمة الإسلامية بهذا الإنجاز، ومثلها كان سرور العالم فأجاز، وحلق بفكرة في الافاق، ورأى أن الميدان قد راق، ميدان السلام، والاستقرار، والنمو الاقتصادي، وآخر لمكافحة الفكر المتطرف، وآخر لمكافحة الإرهاب، والسعي للوصول إلى الصواب.
نسمع في كل يوم حادثة أليمه في مشارق الغرب ومغاربها، ومؤامرة تطبخ ثم تطل برأسها، وذلك من خلال دواعش هذا الزمان واتباعهم من المنتفعين والجهال، الذين لم يعد لديهم شيئاً يرتكزون عليه في تعليلهم لما يرتكبونه من جرائم سوى أنهم يقتلون لغرض القتل فحسب، ولابد للمتابع للأحداث أن يشهد تطوراً كبيراً في مفهوم هؤلاء الإرهابيين من دفاع عن مبدأ لديهم، إلى عمل لم يعد بإمكانهم الدفاع عنهم، فهم يقتلون جميع صنوف الجنس البشري، بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم وفكرهم، فأصبح همهم القتل لمجرد القتل. ولهذا فقد كان لمركز مكافحة فكرهم أهمية بالغة لأنه سيزخر بالكثير من الدراسات والآراء والأقوال والأفعال للتصدي لهذا السرطان المميت الذي لا يعرف قرار، ولا يطيب له الاستقرار.
المملكة لم تقل فقط، بل قالت ففعلت، في مجال مكافحة الإرهاب سابقاً لاحقاً، فهي من أكثر المتضررين منه، والمكافحين له بالمال والجهد والإعلام، وكان نصيبها أن تحمل تلك الراية مع ما فيها من عناء، فقدر المملكة كقائدة للعالم الإسلامي أن تكون حربه في نحر أولئك القتلة المخربين، التائهين السفاكين، الذين تقودهم عصابات، بصورة مباشرة، أو عبر وسائل الإعلام، والاتصال الاجتماعي الذي ليس سوى وسيلة استخدمها الأشرار في الشر، واستخدمها الأخيار في الخير، وبين هذا وذاك غثاء كثير، يمر مرور السحاب الخلب الذي لا ينزل مطراً.
ومن نتائج زيارة الرئيس الأمريكي الإنفاق على جوانب أمنية واقتصادية كبيرة وكثيرة، تمثلت في شراء ما يردع المعتدي. وأهم من ذلك توطين الصناعات الحربية ليكون عائداً لذلك المواطن من خلال توفير الوظائف، والرفع من كفاءته، وقدرته على منافسة الغير، وفوق ذلك توفير السلاح لردع من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن، والذود عنه بسواعد أبناء هذا الوطن المعطاء، الذي تتلاطم حوله المشاكل، كأمواج البحار.
المملكة قررت أن تنتقل من الاعتماد على النفط الخام، وبعض المنتجات النفطيه، والصناعات النفطية التحويليه إلى مجال أوسع في هذا الأفق الاقتصادي العالمي الرحب إلى مجال التقنية أو الخدمات بشتى أنواعها، أو الصناعات الحربية، ولهذا فإننا بذلك نجد أن المملكة قد انتقلت إلى مجال أوسع وأرحب.
اليوم من خلال في برنامجها في التحول الوطني 2020 ورؤيتها 2030، أخذت في التطبيق العملي الميداني، فهناك استثمارات في مجال التقنية، وأخرى في مجال الخدمات وغيرها.. وكلنا يعرف أن العالم يتغير، وأن التقنية تتسارع بشكل مذهل، وأن شركات مثل أمازون وأبل قد حققت زبائن، وفوائض، وقيم سوقية تفوق الوصف، وتتعدى أرصدتها المالية ما لدى دول كثيرة كبيرة مجتمعة.
المملكة ببرنامجها ورؤيتها أدركت ذلك فقفزت إلى الإمام في هذا العالم بدلاً من أن تسير في ثراه.
وفق الله المملكة قيادة وشعباً، وأدام عليها الأمن والأمان.