د.علي القرني
مكاتب وإدارات تحقيق الرؤية في مختلف أجهزة الدولة تلعب دورا مهما في تسكين الرؤية السعودية بشقيها برنامج التحول 2020 ورؤية 2030.
ويأتي من أبرز هذه المكاتب لتحقيق هذه الرؤية مكتب وزارة التعليم الذي يعمل على تنظيم بمبادرات لتحقيق الرؤية من قبل الجامعات ومؤسسات التعليم.
وقد اطلعت إلى أكثر من سبعين مبادرة أطلقتها الوزارة عبر الجامعات السعودية، حيث تتنوع هذه المبادرات في مضمونها ونوعها ومدتها وإسهاماتها، ولكن جميع هذه المبادرات تصب في دعم الأهداف الإستراتيجية لرؤية المملكة.
ومعظم الجامعات تشارك في مثل هذه المبادرات التطويرية وفق أهداف إستراتيجية تعليمية، تعزز القيم والمهارات لدى منسوبي التعليم العام والعالي، وخاصة الطلاب، كذلك تهدف مثل هذه المبادرات إلى تطوير المناهج وأساليب التعليم وتحسين البيئة التعليمية بما يكفل زيادة فرص الإبداع والابتكار، إضافة إلى رفع مستوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتنويع مصادر التمويل وتحسين الكفاءات المالية في قطاعات التعليم.
وفكرة المبادرة في أي موضوع وفي أي تخصص وتحت أي ظرف هي انطلاقة جديدة وتحريك لمياه راكدة، ومن خلالها يتم إعادة بث الرؤية التخصصية نحو آفاق جديدة.
ولهذا فإن إطلاق مبادرات جديدة هي بمثابة برنامج جديد نحو آفاق نوعية تستقطب فكرا واتجاهات وتجديدات.
ولهذا فإن المبادرات التي تطلقها الجامعات ومؤسسات التعليم ومؤسسات التعليم العالي بمباركة وتأييد من الوزارة هي تحريك لمياه راكدة في الجامعات في ظل ضغوطات الميزانيات وحالة التشدد المالي، فهذه المبادرات يتم دعمها من وزارة المالية مباشرة وفق توجيهات عليا من مؤسسة الرؤية السعودية.
وعلى الرغم من مرورحوالي عام واحد تقريبا على بزوغ فجر الرؤية 2030، إلا أنها استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات على أرض الواقع، وربما من أهم إنجازات الرؤية هو إعادة صياغة العقل السعودي بما يتماشى مع أهداف الرؤية ومحاورها (مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح)، وتأتي هذه المحاور من ثلاثة مرتكزات هي الدين والاقتصاد والجغرافيا.
وهذه العقلية الجديدة في المجتمع هي التي أفرزت فكر المبادرات وتوجه التطوير في كل ناحية من النواحي الحياتية في بلادنا.
وربما أن العقلية التي بدأت تترسخ في ذهنية الشباب السعودي وتفكيرهم الجديد وإسهاماتهم النوعية الحالية في مختلف ملامح الحياة سواء في المدرسة أو الجامعة أو الوظيفة هي النجاح الأول في مشوار الرؤية.
ونحن ندرك صعوبة التغيير الذي قد تحدثه خطط أو برامج أو مشروعات على الناس، ولكن كان للرؤية نجاح في التأثير المباشر على الذهنية السعودية.
فكان الاستيعاب سريعا والإدراك حاضرا من أجل أن يتعاضد الجميع رجالا ونساء صغارا وكبارا في خدمة أهداف الرؤية وتحقيقا لمرتكزاتها وبرامجها.
ويمكن تفسير المبادرات على أنها تطوير من ناحية وتصحيح من ناحية أخرى، فقد تكون هناك أخطاء أو صعوبات إدارية تقف أمام نجاح في مؤسسة أو منشأة من المنشآت، كما قد تحتاج هذه المنشأة أو المؤسسة إلى تطوير في أحد مساراتها.
وفي كلتا الحالتين تأتي المبادرات لتطلق برنامجاً تطويرياً أوتصحح مسارا كان يحتاج إلى تصحيح.
ومن هنا فإن المبادرات التي أطلقتها وزارة التعليم من خلال الجامعات ومؤسسات التعليم وبدعم مباشر من سمو ولي ولي العهد هي اتجاهات صحيحة تساند الرؤية السعودية، وتوجهها في مسارها الصحيح.
ونحتاج إلى مزيد من هذه المبادرات في تقوية وتوثيق أركان الرؤية ومجالاتها، وتعزيز دور البحث العلمي في خدمة هذه المبادرات النوعية.