د. جاسر الحربش
لا علاقة لمحتوى هذا المقال بما يناقش بكثافة عن تسريبات أمير قطر. المقال مجرد محاولة للمقارنة بين موقفين يتطلبان الوضوح في المنطقة وعدم خلط الأوراق. سواء كانت التسريبات حقيقة أو عكس ذلك المهم هو أن محتواها هو ما يتم تطبيقه عملياًً منذ سنوات عديدة.
من هم الأعداء المعلنون للعرب؟. إسرائيل وإيران والإرهاب. ما هي الدولة الخليجية التي لها علاقات جيدة معلنة تفتخر بها مع هؤلاء؟. هي قطر، على الأقل على المستوى الرسمي، وليس الشعبي بالتأكيد. ينشط مغردون قد يكون بينهم سعوديون لامتداح علاقات قطر بكل من هب ودب بوصفها حصافة دبلوماسية. بعضهم يحذر من إطلاق البعبع القطري (قناة الجزيرة) على السعودية وينصحون بالتزام الصمت، مفترضين أن الخصام لن يكون لصالح السعودية.
أؤكد كمواطن سعودي أنه لا يجبرني أحد على كتم بعض تحفظاتي على الليونة الدبلوماسية السعودية تجاه بعض الدول مزدوجة الولاء، لكنني أتقبل كمواطن السياق العام الذي تحاول به السعودية كسب الآخرين وليس اتقاء شرورهم. الفرق النوعي يتضح بعلنية المواجهة مع أعداء العرب الواضحين، كحضارة وجغرافيا ودين، مقابل علاقة أخرى بطريقة انتهازية تجمع بين الأصدقاء والأعداء دون تمييز.
ماذا لو أجرينا جردة حساب لعلاقات السعودية وقطر بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وأوروبا واليابان وأمريكا الجنوبية، ثم بالكيان الصهيوني وإيران والمنظمات الإرهابية والأحزاب المذهبية؟. نبدأ بالولايات المتحدة الأمريكية. أمريكا هي النموذج الحالي الوحيد في العالم لتعايش الديانات والأعراق والمذاهب، وهي الدولة الأقوى في العالم اقتصادياً وعلمياًً وعسكرياًً. للسعودية مائتا ألف طالب وطالبة يطلبون العلم في أمريكا، وبين الدولتين استثمارات ضخمة موعودة بالتوسع. أي دولة تزعم عدم الاهتمام بعلاقات جيدة مع أمريكا كاذبة ومنافقة، بما في ذلك أعتى خصوم أمريكا وأولهم إيران وروسيا والصين.
القوة العظمى الثانية والثالثة، روسيا والصين لهما علاقات طيبة مع السعودية ولا غنى لأي دولة في العالم عن إيجاد علاقة طيبة مع هاتين الدولتين على الأقل في حدها الأدنى. كذلك تتمتع السعودية بعلاقات ممتازة مع اليابان ودول أمريكا الجنوبية وأغلب دول القارة الأفريقية، وبعلاقات تنسيق اقتصادي واستراتيجي وعسكري مع أكبر الدول الإسلامية، إندونيسيا وباكستان وتركيا وماليزيا.
الفرق النوعي الواضح هو أن السعودية ليست لها علاقات صداقة مع الكيان الصهيوني وإيران والمنظمات الإرهابية والأحزاب المذهبية، أما قطر فتفتخر علناً بالعلاقات الجيدة مع محاور الشر والتدمير تلك. السعودية في حالة عداء معلن مع الصهاينة حتى تسوى القضية الفلسطينية، ومع إيران وحزب الله والميليشيات الأخرى حتى ترمي السلاح وتصمت عن التهديد والتخريب. للسعودية علاقات متوازنة مع الحكومة الفلسطينية ومنظمة حماس وتساعد الطرفين بالأموال باعتراف الطرفين، أما قطر فتنفخ إعلاميا ًوبشدة في نار العداوة بين الأطراف الفلسطينية.
إذاًً الشقيقة الصغيرة قطر تتصرف عملياً منذ سنوات كفايروس مزروع داخل الجسد العربي والإسلامي، لا يميز بين المايكروبات الغازية ومكونات الجسد، وهي بهذا تتصرف كجزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي فشل وانتهى. لأن فشل الجسد يهدد الفايروس بالموت مع الخلايا التي احتضنته تهرب قطر إلى الأمام بالبكاء واللطم والتطبير.