د.دلال بنت مخلد الحربي
من متابعة سريعة يلاحظ أن كتابة التاريخ من قبل الغربيين لم تعد كما كانت عليه من قبل، بل تحولت إلى مسائل ذات أبعاد فكرية وثقافية يقصد منها الاستفادة من معطيات الماضي في قضايا الحاضر المعاصر، ومن ثم فإن الأداة الرئيسية في كتابته هي التحليل والاستنباط والربط واستخدام مصادر معلومات متنوعة من دون الاعتماد على نمط واحد.
إضافة إلى الكتابة التطبيقية نجد هناك كتباً صدرت تتناول نظرية التاريخ ومقاصده وتبين المناهج المفترض اتباعها لتحويل التاريخ من مادة جامدة تكتفي فيها بتتبع مسارات الحياة الماضية إلى مادة تنبض بالحياة، تقدم صورة الماضي على شكل يجعله معاشاً في الحاضر، وهو دون شك ما يسهم في الترويج لقراءة الماضي قراءةً يغلب عليها التشويق.
وفي خضم التطور الواقع على تدوين التاريخ، ومتابعة الماضية نحتاج إلى ترسيخ هذا التوجه حتى لا نفقد القارئ، ولا نفقد الاهتمام بالتاريخ وتدريسه، ومن ثم سيطرة النظرة القاصرة إلى أقسام التاريخ في الجامعات بأنها بلا فائدة، ومن ثم لا حاجة إليها، وأصحاب هذه النظرة وإن كانت جائرة إلا أننا نعين على ترسيخها بجمود العملية التدريسية، وسيطرة النظرة التقليدية في التأليف والتدريس.
إن أردنا إنقاذ أقسام التاريخ الأكاديمية علينا الشروع في الاستفادة مما وقع من التطوير في دراسة التاريخ وطرق تدريسه، علينا تحويل التاريخ من مجرد مادة تعالج الماضي إلى مادة تعيش الحاضر بنقل الماضي إليه، والاستفادة منه في معالجات معاصرة تكرر ما كان في القديم من أحداث ومشكلات ومآسٍ.