م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - من أكبر الأخطاء التي يرتكبها كثير من الوعاظ هو تعاملهم مع الجميع بأسلوب واحد.. بينما هناك عدة أنماط من الجموع الحاضرين للوعظ.. وكل نمط يحتاج إلى وسيلة أو إستراتيجية مختلفة عن الآخر.. فهناك الجمهور المعارض من الذين يخالفونك الرأي ولديهم موقف معاكس لما تقول وينتظرون أية هفوة منك ليهاجموك.. وهناك الجمهور المحايد وهؤلاء ليس لديهم مواقف مسبقة.. وهم جاهزون للسير في الطريق المقنع لهم دون مقاومة.. وهناك الجمهور غير المهتم وأي كلام تقوله هو بالنسبة لهم ممل وتكراره مستفز.. وهناك الجمهور المتردد الذي تنقصه المعلومة.. وهناك الجمهور المؤازر الذي يتفق معك سلفاً وقد سبق له أن سمع كل حججك ورسائلك.
2 - يقول خبراء الاتصال: إن أمام الخطيب الذي يريد أن يؤثر في الجموع ثلاثة مسارات تحليلية لتحديد استراتيجية الإقناع وهي: مسار المعرفة ومدى اطلاع الجمهور على موضوعك.. ومسار مدى الاهتمام بالموضوع.. وأخيراً مسار المؤازرة.. فالجمهور المعارض مثلاً يجب ألا يبدأ الخطيب بمهاجمته وتخطئة مفاهيمه وقناعاته.. فهو معارض أصلاً ومستعد للهجوم عليك.. بل ربما يشكك في مصداقيتك.. ومهما قلت من كلام مقنع فهو في رأيهم قول حق يراد به باطل.. هذا الجمهور يجب أن تتعامل معه كما يتعامل المفاوض أي تبدأ معه بالنقاط المشتركة بينكم.. وأن تكون عادلاً.. فهذا الجمهور لكل فرد فيه موقف مبني على معرفة وأحياناً على موقف.. أيضاً لا تبدأ معهم محاولاً تغيير قناعتهم أو طريقة تفكيرهم.. فإنك بهذا سوف تحفز الدفاعات الذاتية لديهم وتزيد من مقاومتهم.. ولكن ركز على حقيقة أنك تنشد الفائدة المشتركة.. والتمس التغيير البسيط في مواقفهم.. فلا أحد يمكنه تغيير مفاهيم الناس وقيمهم دفعة واحدة أو في جلسة واحدة.
3 - الجمهور المحايد من جهة أخرى هو في منطقة رمادية ليس له موقف معك أو ضدك.. وهو في انتظار المعلومة والمعرفة التي تحفزه لاتخاذ موقف.. وهؤلاء أسهل أنواع الجماهير في الإقناع.. أما الجمهور غير المهتم فهو أصعب من المحايد.. لأنه حتى وإن ملك المعلومة فهو غير مهتم ولا مُبالٍ بها.. وهؤلاء لا بد من أمر مثير لهم ويمسهم في حياتهم لتجذب اهتمامهم وتشجعهم على اتخاذ موقف.. أخيراً الجمهور المؤازر.. فهو معك سلفاً لذلك دورك يقتصر على شحنهم وتحصينهم ضد أية اختراقات محتملة.
4 - الخطابة تأثير دون ذلك لا تزيد عن صف حكي.