سمر المقرن
لا يُمكن لأي إنسان يفتقد الشعور بالانتماء أن يكون سويًا، ما ينتج عن هذا سلوكيات تُخالف الانتساب الحقيقي للوطن بكل تفاصيله ومكوناته، ومخالفة الإحساس الجماعي بأي قضية وطنية، واعتبار أن التصدي والدفاع عن الوطن يجب أن يكون مدفوعاً. في الحقيقة هذه الحالة النفسية المعقدة للأشخاص الذين تغيب عنهم متعة ولذة الانتماء للوطن، ومحبته والوقوف معه في السراء والضراء، هم أشخاص غير أسوياء، طحنتهم الجماعات والأحزاب فأفقدتهم متعة الانتماء، كما أن هذه الأحزاب وكونها تقوم على مصالح مادية والعمل معها «مدفوعاً» يتخيّل هؤلاء أن كل الناس مثلهم، وأن العمل الوطني يحتاج إلى مقابل، بينما كل الحب الذي يعيشه الإنسان ينتظر منه مقابل بما فيه حب الوالدين، عدا حب الوطن، فهو حب غير مشروط، حب مفتوح الأفق لا يمكن أن يشعر بهذا من تلوثوا بالأحزاب والجماعات!
من سمات شخصية المنتمين للأحزاب والجماعات أنهم يعيشون حالة من التأرجح وعدم الاستقرار، لأن ولاءهم مشروط بالماكينة المادية، بالطبع ليس كل المنتمين لهم يُشترى ولاءهم بمقابل مادي، لأن هذه الأحزاب والجماعات لديهم مراتب فهناك الكبار «القبيضة» وهناك الصغار ممن خضعوا لعمليات غسل الأدمغة بأفكار هذه الأحزاب.
لا أستطيع حقيقة التفكير بعقلية الحزبي لأنني -ولله الحمد- لم أنتمِ لمثل هذه الجماعات في حياتي، برغم كل المحاولات التي كانت تطولني، وقد كنت عصية عليهم، لسبب بسيط أن الانتماء للوطن أكبر وأشمل، ولأن الإنسان الذي يقبل بالانتماء لمثل هؤلاء هو إنسان غير سوي أولاً، ومن ثم يترتب على حالته هذه أن يكون منقاداً بلا عقل ولا منطق. وأتذكر في عدة لقاءات صحافية تم توجيه هذا السؤال لي وعن انتمائي الفكري، وليس لدي سوى إجابة واحدة هي: (أن وطني أسمى من كل الأحزاب).. ما ترتب على هذا، من أن تطولني أذية هؤلاء منذ سنوات طويلة وإلى اليوم، لكنني لم أتأثر بأذيتهم كوني أعيش حالة نفسية مستقرة بمحبتي لهذا الوطن، وفخري بالانتماء له دون شروط، من هنا لا يُمكن أن أتأثر بكل المحاولات الفاشلة من هؤلاء المرضى!
من هنا، وقد أشرت على عجالة إلى تجربتي الشخصية لأنها تصب في صميم الأحداث التي نعيشها ونواجهها، بل ونتألم عليها خصوصاً عندما نرى من يفتقد متعة الانتماء لهذا الوطن لأنه باع نفسه وعقله للآخرين بثمن بخس، ولعل الأحداث الأخيرة التي أوجعتنا من الشقيقة قطر، شاهد على ما نراه من بعض من يشاركوننا الأرض والدم، بينما عقولهم وذممهم بيعت للجماعات والأحزاب!