سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل أستطيع التغيير؟ وإذا استطعت ذلك، هل يمكنني التكيف؟ وماذا عن المكان الجديد؟ وكيف هي شخصية رئيسي الذي لا أعرفه، ولم ألتق به بعد...الخ.
أسئلة دارت في مخيلته الطموحة، قبل أن يشد رحاله، مبحرا ليمخر عباب البحر، متعلقا بأحلام يراها ممكنة التحقق، ويراها غيره مستحيلة مستبعدة.
أوقف سيارته في الخارج لكونه لا يملك تصريحا للدخول بعد، فهاله ما رَآه، فالمبنى متقن للغاية، وذو أدوار كثيرة.
خاطب نفسه قائلاً: يا إلهي كيف سأبرز في هذا المكان، وما الذي علي فعله، ومنذ وطئت قدماه مدخل المبنى وهو يشعر برهبة المكان، لكن ثقته أعادت إلى نفسه شيئا من الاتزان.
شد انتباهه الصور التي علقت على الحائط، إنها صور الوزراء السابقين لوزارة الإعلام، موضوعة في الجانب الأيمن، ووضع بجانبها رؤساء الوكالة منذ بدء تدشينها.
نظر إليهم متأملا، ولم يعد يشعر بشيء من العالم الخارجي، لا خطى الموظفين، ولا أصواتهم وأطلق لمخيلته العنان، مستذكراً مجهودات هؤلاء الرجال، الذين أفنوا أعمارهم خدمة الوطن، فبعضهم قضى نحبه، بعد أن أدى واجبه تجاه الوطن-رحمهم الله- والبعض الآخر ما زال حيّا -حفظهم الله-.
وسأل نفسه عدة أسئلة:
- كم عندنا من أبناء وبنات في هذا الوطن المعطاء الذين رفعوا راية الوطن عاليا؟
- ألم يخرج هذا الوطن أجيالا وأجيالا ساهموا في تطور العلم، وانطلقوا للعالمية، وأصبح العالم يتمنى استضافتهم، أو حتى منحهم الجنسية.
- كيف استطاع هؤلاء الرجال والنساء تحقيق ذلك؟
- ما الذي ينقصنا لكي نكون مثلهم.
وجوابا لهذه الأسئلة، لا شيء، نعم لا شيء، كل ما هنالك أننا في حاجة للعزم والتصميم، والعمل المدروس المخطط له، ولا ننس أن طموحاتنا تلامس عنان السماء مثل ما صرح بذلك أميرنا الشاب.
هؤلاء آبائي، وحق لي أن أفتخر بهم، ولا أقف عند ما سطروه لنا، ولا أرضى أن أكون في الهامش، بل لا بد أن أكون كتابا، في تاريخ هذا الوطن المعطاء.
وهذا الحلم، والمجد لن يتحقق بسهولة، بل إنه طريق طويل، ومضني، ليس مفروشا بالورد، والزهور.
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
هذا طريق المجد، طريق الإنجاز، طريق الصعاب، طريق وعر، قلما يستطيع الإنسان تحمله.
انتهى «الدايلوق» بينه وبين نفسه، وفتح عينيه، مكملاً طريقه لمكتبه الجديد، بعد أن تأمل صور المسؤولين في بهو المدخل، عاقدا العزم على بذل الغالي والنفيس لتحقيق ما ينفع الوطن.
ثقته تسير قبله في الردهات، والأزقة، ثقة نابعة من ثقته بالله أولا، ومن ثم بمثابرته وحرصه على تطوير ذاته، وعدم وجود سقف لطموحاته.