فالبشر في هذه الحياة يختلفون فيما بينهم وما يعانون من ظروف صحية ونفسية واجتماعيَّة، كما أنهم يختلفون في قدراتهم ومواهبهم وسماتهم الشَّخصيَّة وميولهم واهتماماتهم وتكويناتهم الجسمية، فهذه القدرات والسمات والميول يمكن للشخص أن يكتشف أنه يمكن أن يتغلّب على كافَّة العوائق التي يتعرّض لها في هذه الحياة.
وذلك بتكوين علاقات بين الألم وبين المرء ونفسه وبين المرء وبيئته المادية والاجتماعيَّة حتى يكون متمتعاً بحياة خالية من الاضطرابات النفسية والصحية ويسلك مسلكاً جيداً يمتاز بالاتزان الانفعالي والعاطفي حتى يستطيع بعد الله أن يسيطر على عقله ونزعاته ورغباته.
فالتوافق النفسي - يعني التكيّف مع كافَّة المؤثِّرات التي تحيط بالمرء وبيئته وعن طريق تلك المؤثِّرات المتفاعلة والمتبادلة يغيِّر الفرد من سلوكه حتى يكون أكثر انسجاماً مع البيئة ومن خلال تلك الأمور فإن المرء تكون لديه بصيرة وفهم وإدراك لكافَّة دوافعه ورغباته إلى جانب مراجعته الدائمة لنفسه ومحاسبتها، فعندما يشعر المرء بالإحساس ويشعر بالطمأنينة يكون في تلك الحالة قادراً على تكوين علاقات وصداقات جيدة مع الآخرين.
إلى جانب مواجهة الحياة ومصاعبها ومجابةه الحقائق بصورة عقلية وموضوعية خالية من الأوهام والتخيلات وفي نفس الوقت يكون قادراً على حسن التعامل مع محيطه الاجتماعي بالفهم مع تقديره العام على أوجه الاختلاف والفروق فهو يستطيع أن يستعد للحوار والنقاش معهم بالحكمة والموعظة الحسنة واضعاً أمام عينيه أن الاختلاف في الرأي والفكر مع الآخرين لا يفسد للود وللأخوة قضية.
وبهذه الأمور يستطيع السيطرة على نتائج سلوكه وخيبة أمله ومظاهر الإحباط والتخاذل في كافَّة المواقف الحياتية التي تجابهه من كافَّة الأطراف، فالحياة ليست كلها أياماً ميسرة أو سهلة، بل إنها أيام بين اليسر والعسر وبين الحلو والمر، فالواجب عليه أن يتفاعل مع الظروف الحياتية بعقليه ناضجة، ويكون قادراً على السيطرة على شعوره ومشاعره بعيداً كل البعد عن عوامل الخوف والغضب والغيرة ... والحب الجامح قادر على التعبير الواضح عن مشاعره وعن انفعالاته بصورة واضحة تناسبه وتناسب الآخرين.
فلا يقف مستسلماً للحزن والخوف والغضب جراء انفعالاته وتصرفاته، فالحياة في مجملها أخذ وعطاء وفشل ونجاح وحياة وموت وربح وخسارة وكفر وإسلام فإن حياة كل واحد منا جملة من النجاحات والإخفاقات، فالإنسان يجب عليه أن يمارس عادات صحية سليمة سواء في طعامه أو سلوكه أو نومه أو راحته أو شغل أوقات فراغه وأن يكون لديه اهتمامات عديدة حتى يحيا حياة متوازنة بين العمل والراحة والمتعة، فالواجب عليه أن يمارس هوايات مفيدة تبعده عن إضاعة الوقت والجهد فيما لا طائل منه إلى جانب أن يتخذ قراراته بنفسه ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب بالأسلوب المناسب وأن يكون معتمداً بعد الله على نفسه وليس على الآخرين وأن يكون متزناً واقعياً غير اتكالي محباً للعمل يؤدي عمله بإخلاص وأمانة وجدية فمن يحب عمله يحقق ذاته والعمل دائماً شرف وكرامة وواجب وحق، ومن هنا يجب الاهتمام والرعاية بالأبناء منذ الصغر حتى تخرّج جيلاً متوافقاً اجتماعياً ونفسياً جيلاً بعيداً كل البعد عن كافَّة السلبيات.. جيلاً فاعلاً مشاركاً في العمل والإنتاج.