د. حسن بن فهد الهويمل
ما أوده، وما يوده كل مواطن سعودي لسموكم، وللشعب القطري الشقيق العز، والتمكين، في ظل لحمة خليجية، لا يستطيع أعداء الأمة العربية، والإسلامية اختراقها، ولا تفكيكها.
وحتى لو اختلفت وجهات النظر بين زعماء الخليج فإن على العقلاء المجربين، ألّا يدعوا لكائن من كان، أن يستثمر شيئًا من هذا الاختلاف المحتمل، في ظل اللعب العالمية الكبرى، التي تجري في جسم أمتنا كالخدر.
[قطر] ياسمو الأمير - شئنا أم أبينا - جزء من وطننا الأوسع، يسوؤنا ما يسوؤه، ويسعدنا ما يسعده. ذلك ما ندين الله به، ونضمره في نفوسنا
وإذا فرَّط أحدٌ منا بموطئ قدم في خليجنا، فإنما نفرط بكل وطننا العربي. هكذا نحن، ومن شذ شذ في نفسه، وتحمل وحده وصمة العار. والحفاظ على خليجنا يحتاج قوة مرهبة، رادعة. وذلك بعض ماننهض به.
فلا تخف أيها الأمير من جارك الحريص على أمنك، واستقرارك، وسيادتك. وكن مطمئناً، فالقوة السعودية الرادعة للطامعين، تصب كلها في أوعية الخليج حقيقةً، لا إدعاءً. وفعلًا لا قولًا.
وأنت بدون هذه القوة ريشةٌ في مهب الريح، وضالةٌ غنم، ليس معها سقاء، ولا حذاء. قد يختلف قادتنا في وجهات نظرهم، وفي تفهمهم للقضايا، وفي أسلوب معالجة مشاكلهم الطارئة، أو في إبداء مواقفهم العارضة. وقد تتعارض مصالحهم.
وذلك من السنن الكونية، التي لا تتبدل، ولا تتحول. وواجب الجميع في ظل هذا الاختلاف المشروع، أن يحسنوا إدارته.
ومُستبقوا الخيرات منهم من يعرف أمداء الاختلاف، وأسلوب تداوله، وسقف الحرية في القول، والفعل.
الشعوب الخليجية محبة للسلام، وغاية مناها الاستقرار، والدفع بالتي هي أحسن، وتكتم كل زعيم خليجي على ما يساوره من هموم عارضة.
الشعب الخليجي يود من حكامه أن يستعينوا على معالجة قضاياهم بالكتمان، ما أجتنبت كبائر التجاوزات. لسنا بحاجة إلى المزايدات.
فالمؤكد أن النبلاء منهم ليست لهم أطماع توسعية، وليسوا بحاجة إلى المال، بحيث تُصَرِّفهم الحاجة.
ومجرد خوف بعضهم من بعض أوهام، وتخرصات، لا مبرر لها.
[قطر] قوية بأشقائها، وإن غردت خارج السرب، ولكنها بهذا التغريد المستمر، تكون كالقاصية من الغنم [وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية].
تعارض المصالح أمرٌ مشروع، شريطة ألا يُفْسد للثقة، ولا للود قضية. بحيث لايَدَعُو ثغراتٍ ينفذ منها المتربصون، والحاسدون.
لقد حققت المملكة انتصارات مذهلة، لا تخصها وحدها. بل هي في النهاية تصب في المصالح الخليجية المشتركة.
وما نسب إلى الشيخ تميم من أقوال، أوغرت الصدور، وأثارت الحزازات، وصبت في مصالح أعداء الخليج.
والمملكة بانتصاراتها، وبإنجازاتها المثيرة للإعجاب، والتقدير لا يُؤَثِّرُ عليها قولٌ مُفترى، وغير مسؤول. ولكنها لا تود شغل المشاهد الإعلامية بترهات تمكن الأعداء، والحسدة من أخذ أنفاسهم، وصرف الأنظار عن نجاحات المملكة في المؤتمرات الثلاثة التي استضافتها.
ومثل هذه الإثارات ممارسات غبية، أُريد منها صرف الأنظار عن هذه التألقات. العالم كله مشدود إلى منجزات المملكة على كل المستويات، يقرأ، ويحلل، ويُقَوِّم، ويبدي إعجابه بهذا التفوق، والتألق الذي أنجزته قيادة المملكة.
وكلها في النهاية مكاسب خليجية، وعربية، وإسلامية. لقد فوجئ المواطن السعودي بهذا الموقف السلبي من زعيم خليجي، كان المتوقع منه أن يعمق الرؤية في هذه الانتصارات، وأن يقول بفرح شديد {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}.
نعم ماحققته المملكة، وما ستحققه في مستقبل الأيام مكتسب [قطري]. كما هو مكتسبٌ سعودي.
الخليج جسم واحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. هذه رؤية المواطن السعودي.
لا نريد أن يكون سمو الشيخ تميم، خيطًا نابياً في نسيج اللحمة الخليجية.
لقد واجهت المملكة رؤى، وتصورات، ومواقف [قطرية] حاولت احتواءها، وعدم تمكينها من الإخلال بوحدة الخليج، وتلاحمه. وهي اليوم أقدر على معالجة الموقف بالتي هي أحسن.
فالشيخ تميم وإن حاول إطفاء هذا الوهج برؤيته الغرائبية في هذه الظروف الحرجة، لا يضيف شيئاً ذا أهمية، إنه مجرد لغط عابر، كان يمكن أن يمارسه إعلامي مأجور، لازعيم بمستوى سموه. فالزيد يذهب جُفَاء، وما ينفع الخليج يمكث في الأرض.
حكام الخليج يجب أن يسموا بأنفسهم فوق التجاذبات السوقية، ويَدَعُو هذا اللغط للسوقة، والمرتزقة من الإعلاميين.
ودعوى الاختراق لو كانت صحيحة، فإن مضامين ما قيل يتفق مع ماتمارسه دولة [قطر]. وتتصف به.
فهي على علاقة ودٍ وصفاء مع [إيران]، و[الإخوان]، و[إسرائيل]، و[حماس]، و[حزب الله]. وهذا بحد ذاته كافٍ للشك بدعوى الاختراق. وأمنيتي الشخصية صحة الدعوى.
سمو الشيخ يطالب بعدم التصعيد مع [إيران]، ونحن معه، يهمنا احتواؤها، والصلح معها، والعمل على استتباب الأمن في الوطن العربي.
وما تفعله المملكة من باب قتال الطائفة الباغية، حتى تفيء إلى أمر الله. والواجب على سموه أن يطلب من [إيران] عدم التصعيد، وعدم التدخل في الشؤون العربية، وأن ينظر إلى الدماء المراقة، والمباني المهدمة، التي تولى كبرها [الآيات]، و[الملالي].
[إيران] ياسمو الأمير هي المعتدية، لأنها ظلت ثائرة، تصدر ثورتها، وتفرض طائفيتها، وتشيع خرافاتها.
وانظر - بَصَّرك الله بالحق - إلى ما تركته الغطرسة المجوسية في [العراق]، و[سوريا]، و[لبنان]، و[اليمن].
وتأتي بعد كل هذه الشواهد لتقول:- [ليس من الحكمة التصعيد مع إيران]. هذا قول غير مسؤول، ولا مكان له.
[إيران] بشهادة العالم معتديةٌ، وحاضنة للإرهاب، وداعمة له، وأنت المستهدف بكل تعدياتها.
[المملكة] تمارس حقاً مشروعاً. و[قطر] أحوج ما تكون إليه، ومطالبة سموكم بعدم التصعيد شرعنة مجانية لممارسات [إيران] في المنطقة.
لقد طار الأعداء بتصريحاتك المجحفة بحق أشقائك، لأنها شفت أنفسهم، وأبرأت سقمها.
التصعيد ياسمو الأمير ممارسات إيرانية، وليست خليجية. الخليج يمارس حقه المشروع في مواجهة التوسع الصفوي المعادي للعنصر العربي: شيعة، وسنة.
يتبع..