محمد بن علي الشهري
من المسلّم به أن وسطنا الرياضي أضحى لا يحتاج إلى المزيد من الأسباب التي تساهم في زيادة وتيرة الصخب السلبي الذي يعمل على إخراج التنافسات عن إطارها، ويحولها بالتالي إلى معتركات وجدليات، بل إلى مشاحنات، رغم أن بعضها مفتعلة الغرض منها مداراة فشل ما وصرف الأنظار عن بواعثه، أو التأليب والتحريض ضد طرف آخر ناجح يسير في الاتجاه السليم؟!.
كما أن من المسلّم به أن التحكيم ركيزة أساسية في نجاح أو فشل أي مسابقة، وأن من المسلمات أيضاً الاعتراف بأن تحكيمنا يعاني، وأن معاناته ليست نتيجة كون الحكم السعودي بـ(قَدَم) واحدة فقط، فيما الحكم الأجنبي بـ(أربعة أقدام) كما قال أحد حكامنا مؤخراً، بقدر ما هي نتيجة سوء اختيار القيادات التي تعاقبت على إدارة دفة الأمور التحكيمية.. إذ إن الاختيارات لم تكن تخضع لمقاييس القدرات والكفاءات، بقدر ما تخضع لعوامل ومقاييس أخرى لا تخفى عن فطنة أي متابع، بمن فيهم المتابع البسيط؟!.
على أن أولى خطوات معالجة أي مشكلة كانت، هي الإقرار أولاً بوجودها ومن ثم العمل على إصلاحها تدريجياً بما يتناسب وطبيعتها ومدى أضرارها وانعكاساتها.. وهو الأمر الذي فطنت له إدارة اتحاد اللعبة الجديدة بقيادة الدكتور (عادل عزت) فور تسلمها مقاليد الأمور، إذ بادرت برفع سقف الاستعانة بالطواقم التحكيمية الأجنبية كأحد الحلول الضرورية واللازمة لإنقاذ الموسم، وهو القرار الذي نزل على رؤوس البعض كالصاعقة، وكان القرار الذي أفضى إلى أحد أنجح مواسمنا على الإطلاق، سواء من حيث التخلص من الصداع المزمن الذي ظل يلازمنا طوال المواسم الماضية، أو من حيث تحييد وتعرية أدعياء المظلوميات الكاذبة؟!.
هذه الأيام (نسمع) أن هناك بعض التكتلات المريبة -كعادتها- بغية تكوين جبهة للضغط باتجاه تقليص عدد الطواقم الأجنبية لحساب الحكم المحلي.. وهنا تبرز جملة من التساؤلات: من هم أولئك الذين لا يرغبون في الاستفادة من خدمات الحكام الأجانب؟؟.. أليسوا الذين دمّروا تحكيمنا المحلي من خلال حملاتهم الموسمية البشعة ضده؟؟.. أليسوا من قالوا فيه ما لم يقله (مالك في الخمر) أم أن الغاية تبرر الوسيلة، والغاية معروفة بطبيعة الحال، وهل سيتقبلون الحكم المحلي بأخطائه لهم وعليهم دون ضجيج ودون مناحات واتهامات كالعادة عندما لا تسير الأمور في صالحهم؟؟!!.
من هنا يأتي دور قدرة المرجعية الرسمية في فرز الغث من السمين، وفي استخلاص العِبر من التجارب وليس من أهواء (المصلحجيّة) الذين لا يعنيهم نجاح المنظومة بقدر ما تعنيهم مصالحهم الخاصة بأي شكل وأية وسيلة، والتي من شروط تحقيقها بالنسبة لهم: أن تظل الفوضى تضرب أطنابها في مفاصل مسابقاتنا التي من أهمها التحكيم؟!.
نحن مع الحكم المحلي قلباً وقالباً، ومن لا يتمنى لو أن الحكم السعودي أحد أنجح الحكام في العالم فليس في وجدانه (ذرّة) من غيرة وطنية، غير أن مسألة إعادة تأهيله ليكون واجهة وطنية مشرّفة ومشرقة في الداخل والخارج، لن تتحقق إلاّ من خلال التدرج في مهمة إعادته، لا بوضعه (حطباً) في تنور التناحر بين متعصبي الأندية ومهرجي دكاكين الفضاء؟!.
لهذا أرى أن مما يسهل من أمر استعادة الحكم المحلي لثقته بنفسه تدريجياً، فضلاً عن إتاحة المجال للفرق الراغبة في الاستعانة بخدماته دون إكراه، إنما يتمثل في فتح مجال الاستعانة بالطواقم الأجنبية دون تحديد سقف، وبذلك تعم الفائدة، وتنحسر بواعث الصداع والضوضاء والصخب الموسمي.
شهركم مبارك
أطيب وأجمل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، جعلنا الله وإياكم من صوامه وقوامه، ومن المقبولين والمغفورة ذنوبهم فيه.. وكل عام وأنتم بخير.