تشهد المملكة نموًا سكانيًا سريعًا مع تحسن ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مما جعل عديدًا من الأفراد قادرًا على امتلاك سيارة أو حتى عدة سيارات لكل أسرة، ليزداد عدد المركبات على الطرق.
هذا الازدحام مضاف إليه افتقار مجموعة متنوعة من السائقين الذين لم يعتادوا على قواعد القيادة المحلية إلى المهارات الأساسية للقيادة الآمنة وتهور بعض الشباب تسبب في المزيد من حوادث السيارات والإصابات والإعاقات، وحالات الوفاة بإحصائيات كبيرة ومروعة.
وترتبت على ارتفاع أرقام المصابين في الحوادث زيادة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية واستنزاف الموارد البشرية، والإرهاق العاطفي والنفسي على الأسر، والجهد المتزايد على خدمات الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من أن الدولة قامت بعدة مبادرات للحد من الحوادث والإصابات بالمملكة إلا أن هذه الجهود مع عظمها كانت في الغالب منفردة القطاع ومحدودة النتائج.
ومن أجل مجابهة هذا الوضع فقد أصبحت الحاجة ملحة لنظام للعناية بالإصابات يشمل جميع القطاعات المعنية بالمصابين والحوادث بحيث يتم التنسيق وإجراءات العمل فيما بينها تحت إدارة ومظلة واحدة.
وللبدء في إنشاء هذا النظام لا بد من منتدى وطني وإقليمي متعدد التخصصات تعرض فيه القطاعات المختلفة المعنية أحدث التطورات وما توصلت إليه الأبحاث في هذا المجال، ومن ثم انتخاب وتعيين لجنة وطنية متعددة التخصصات تتمثل بفريق من الخبراء يدير ويقنن هذا النظام بقيادة وزارة الصحة.
وتتمثل أهم مكونات النظام المقترح في وضع القوانين والأنظمة بواسطة لجنة الخبراء، برامج الوقاية من الإصابات، تطوير نظام مركزي للاستجابة لأي نداء إصابة أو حادث، مباشرة الحادث بالطريق أو المنزل، العناية الطبية بمكان الحادث، أفضل وأسرع الوسائل لنقل المصاب أو المصابين إلى أقرب أو أنسب مستشفى، العناية الطبية الحديثة والمتمكنة بالكفاءات وأحدث التقنيات بالمستشفيات، الرعاية والتأهيل الفعال للمصابين والمعاقين، التعليم المستمر والتدريب لفرق العمل وأفراد المجتمع المعنيين، مراقبة وتقييم تطبيق النظام وتحسين الجودة، إجراء ونشر النتائج والأبحاث المتعلقة بهذا النظام محليًا وإقليميًا، وكذلك مشاركة المجتمع.
وقد ترتب على تطبيق مثل هذا النظام في بعض الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية انخفاض نسبة الوفيات من الحوادث والإصابات إلى 50 في المائة وكذلك انخفاض نسبة الإعاقات إلى حوالي 85 في المائة.
... ... ...
كلية الطب، قسم الجراحة - جامعة الملك سعود والمستشفيات الجامعية - الرياض، المملكة العربية السعودية
*** نشر بالإنجليزية بالدورية الطبية السعودية (Annals of Saudi Medicine)، وطبع بجامعة الملك سعود