نجيب الخنيزي
أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 21 مارس الفائت، تقرير التنمية البشرية لعام 2016 والذي تضمن تحديد التنمية البشرية، باعتبارها تعني حريات الإنسان: حرية العيش بملء الإمكانات، لكل الأفراد، ليس للبعض منهم، وليس للغالبية، بل للجميع، في كل مكان من العالم، في الحاضر والمستقبل.
ولم يكن صدفة بل خيار ما دفع بقادة العالم في عام 2015 إلى الالتزام بمسار تنموي لا يترك خارجه أحداً. وهذا المبدأ من ركائز خطة 2030 التي التزمت بها عشرات الدول ومن بينها السعودية.
واسترشاداً بالتطلعات العالمية، خصص تقرير التنمية البشرية لعام 2016 لموضوع التنمية البشرية للجميع.
وينطلق التقرير من منظور واسع يتناول التحديات الماثلة أمام العالم والآمال التي تحدو بسكانه للتطلع إلى مستقبل أفضل. ومن هذه التحديات ما طال أمده (كأوجه الحرمان)، ومنها ما تعمقت جذوره (كأوجه عدم المساواة)، ومنها ما استجد ( كالتطرف والعنف)، غير أن معظم هذه التحديات يرتبط بعلاقة تفاعل. وأياً كانت طبيعتها ونطاقها، فأثرها على رفاه الإنسان يأتي على أجيال الحاضر كما المستقبل.
في هذا الإطار الموسع، يطرح التقرير سؤالين أساسيين: من بقي خارج التقدم في التنمية البشرية، كيف ولماذا؟. ويؤكد أنّ من أهمل هم الفقراء والمهمشون والمعرضون للمخاطر، ومنهم الأقليات الإثنية، والسكان الأصليون، واللاجئون، والمهاجرون.
ومن الحواجز التي تحول دون تعميم التنمية، أوجه الحرمان وعدم المساواة، والتمييز والإقصاء، والأعراف والقيم الاجتماعية، والتحيز والتعصب.
ويحدد التقرير بوضوح العقبات المترابطة التي تحرم العديد من النساء من فرص التقدم والتمكين اللازمة لتحقيق كامل إمكاناتهن في الحياة. ويؤكد التقرير أن تحديد طبيعة حرمان المهملين وأسبابه لن يكفي لتحقيق التنمية البشرية للجميع. بل يجب النظر في بعض جوانب الإطار التحليلي وترابط منهجيات التقييم التي تحول دون تعميم التنمية البشرية للجميع.
رصد تقرير التنمية 2016 أوجه الحرمان الكثيرة بين مختلف السكان في العالم، حيث يعاني واحد من كل تسعة أشخاص من الجوع وواحد من كل ثلاثة من سوء التغذية، ويقضي 18000 شخص كل يوم في جميع أنحاء العالم بسبب تلوث الهواء، ويصيب مرض نقص المناعة البشرية مليوني شخص في السنة، ويتعرض 24 شخصاً في المتوسط كل دقيقة للنزوح قسراً من ديارهم، وكثيراً ما تتعرض الأقليات الإثنية وجماعات أخرى للإقصاء والتهميش في التعليم والتشغيل والمناصب الإدارية والسياسية، ما يؤدي إلى المزيد من الفقر والعنف، حيث يتعرض للتمييز أكثر من 370 مليوناً من السكان الذين يوصفون بالأصليين في 70 بلداً، كما يعيش اليوم 244 مليون شخص خارج أوطانهم من بينهم 65 مليوناً من النازحين قسراً. وفي المقابل يملك 1% من سكان العالم 46% من ثرواته.
وقد أكد التقرير على أن حقوق الإنسان هي الحجر الأساس في التنمية البشرية، ويقدم نهج حقوق الإنسان وجهات بناءة في تحليل التنمية البشرية، فالقيّمون على الحقوق يدعمونها، ويحمّلون النظام الاجتماعي المسؤولية في تحقيقها.
أشار التقرير إلى أن الهوية تؤثر على الاستقلالية والقدرة على التصرف. وللناس حرية اختيار هويتهم، حرية يجب الاعتراف بها وإعلائها والدفاع عنها. ولكل فرد أن يختار الهويات التي ينشدها بين هويات مختلفة، والاعتراف بهذا الخيار واحترامه هما شرطان مسبقان للتعايش السلمي في المجتمعات المتعددة الإثنيات والثقافات.
على صعيد آخر حققت المملكة العربية السعودية الترتيب الثاني عربياً والثامن والثلاثين عالمياً في قائمة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، وفق تقرير التنمية البشرية عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2016م.
الجدير بالذكر أنّ تقرير التنمية البشرية يقسم دول العالم إلى أربع مجموعات حسب قيمة مؤشر دليل التنمية البشرية، فالدول ذات التنمية البشرية المنخفضة التي يقل لها قيمة الدليل عن (0.550)، ومجموعة التنمية البشرية المتوسطة التي تتراوح لها قيمة الدليل بين (0.550 - 0.699)، ومجموعة التنمية البشرية المرتفعة عندما تتراوح لها قيمة الدليل بين (0.700 - 0.799)، ومجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً عندما يكون قيمة الدليل (0.800) فأكثر، وقد بلغ مؤشر المملكة في التقرير الصادر عام 2016م والذي تناول موضوع التنمية البشرية للجميع (0.847).