د. خيرية السقاف
لرمضان نداوة كما الماء حين يُرش على أرض يباب..
ينزل بالقلوب يسقيها..
تعود كما الثرى المنتعش في حضرة المطر!!..
النفس البشرية كالثرى..
غراسها عميق يتجذر كالشجر..
كلما حضر رمضان زخَّت غيماته, فُراتًا عذبًا, قراحًا
برزخًا بين رواسبها قبلاً, ومكاسبها فيه, وبَـعْدا ..
يقترب فيه الجذر في المرء من الجذع, من الغصن, من الفرع, من الثمرة الحصاد فكيف؟!..
لله ما أكرمك يا رب, وأنت قبل أن يسألك عبدك خلقته,
وقبل أن يعي ويدرك حفظته,
وبعد أن يشتد عوده علمته,
وبعد أن يدب فيتوه, هديته..
ما أعظمك يا رب,
كلما غذَّ في مسار زمنه, وعمَّر وقته بغثِّ ضعفه, جئته تناديه خمسا في يومه ليلتقيك فردا,
ينيخ عند أعتابك وحيدا,
يسألك فتغفر, يرجوك فتطهر, يقصدك فلا تخيبه,
كلما زاد طلباً زدت عطاء,
وكلما ألحَّ توبةً أكرمت مغفرة..
وكلما قرب منك, زدت فقربت منه أكثر..
هذا رمضان منحتك العظيمة تتوج بها خمسا من الأوقات في يومه,
بثلاثين يوماً في شهوره,
بشهر واحد يتفرد فيه بالاقتراب منك عاما, فعاما..
أنت يا الله تعطي,
وهذا المخلوق البشر يأخذ..
فرات رمضان يتدفق عذبًا بين يديه
فأعنه يا الله هذا عبدك المسلم ذكرًا, وأنثى للنهل منه,
للارتواء به,
بالتجذر في عمق نقائه,
والعودة خلوًا من رواسب الذي مرَّ به, وعلق,
فنزل به رمضان ينتشله,
ليطفو نقيا كيوم ولدته أمه بإذنك يا رب..