د.ثريا العريض
أهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم.
وأدعو الله أن يجعله شهر سلام وأمان واطمئنان لكل المسلمين, وللجوار الذي يتطلع لموسم تعبد في هدوء واستقرار, ويفتقد السلام.
وأهنئنا بنجاح القمم الأربع في الرياض..
حقيقة, أن يجتمع أكثر من 50 زعيماً لدول إسلامية عربية وغير عربية, حدث له قيمة معنوية ونفسية واضحة, يتوج رؤية طموحة للاستقرار والتعاون في المنطقة, ويجلي الصورة النمطية التي تصر أن ترسمنا سلبياً.
حدث يليق به أن يكون مدخلاً لموسم رمضان.
وأشارككم استغرابي لما حدث بعد القمة في الجوار الخليجي. مفاجأة مزعجة غير متوقعة وسيناريو عبثي التسلسل.
لكأن أحداً حسدنا على حسن تنظيم وإدارة القمم.. أو ساءه التقارب الإيجابي والاحترام المتبادل في أجوائها, أو هددته النتائج والتوصيات.
أو ربما أحد أزعجه جداً نجاح القمة فقرر أن يرمي حجراً في المياه الصافية ليعكرها, ويستثير ما ركد في قاعها من ملوثات أزمنة ماضية.
وحقيقة, هناك شيء ما غير مريح في ما حدث؛ أراه بحس العقل بعيداً عن المنطقية, وأقرب إلى فعل فاعل يتقصّد استثارة الشر والأحقاد والبلبلة منه إلى تدليسة تقنية, ما يجعلني أتريث في الأحكام. ولذا أفضّل مبدئياً عدم التسرع إلى ردود الفعل الانفعالية, وانتظار ما ستكشف عنه الأيام القادمة من تداعيات توضح ما جرى دون لَبْس. وآمل أن يعود صفاء الأجواء إلى الجوار فليس من صالح الخليجيين ولا المسلمين أن تستثار الضغائن.
ومن الحكمة أن نتذكر أنّ السياسة لا تتعايش مع الوضوح .. ومفاجآت دهاليزها تدخل الحضور إلى أنفاق معتمة. وهناك أطراف متعددة ومعروفة تود أن ترى التقارب يفشل ويتصدع لتجد منفذاً لتحقيق مآربها.
أما ما أسعدني من تفاصيل القمة, فهو إطلاق مركز مكافحة التطرف الفكري , وبمسمّى يوضح أنّ الهدف منه هو تحقيق «الاعتدال». كم سيكون الجوار والعالم كله أسعد لو نجحنا في محاربة التطرف, وجعلنا الاعتدال ديدننا؟
نعم الاعتدال مطلوب في التعامل, حتى في الانفعال الذي يدفعنا إليه كيد فعل عدائي، مقصود منه أن يستفزنا ليكشف هشاشة ما بذلنا الغالي والنفيس لبنائه وتأكيد متانته وقوة تأسيسه.
اللهم سبحانك, بحق هذا الشهر الكريم الذي يتطلب من الجميع صفاء النيات, نسألك أن تجلي بصائرنا لنرتقي إلى تلبية المتطلبات ومواصلة بناء صروح مشتركة لحماية المنجزات واستدامتها.. لنفشل المترصدين وتنجلي توترات الغمة بعد تميز القمة..