د.عبدالعزيز العمر
تخيل عزيزي القارئ أننا ندرس طلابنا منهجاً متميزاً في مادة التربية البدنية، وهو منهج استعنا في تصميمه وبنائه بأفضل الخبرات العالمية المتخصصة، إلا أننا لم نسمح لطلابنا اثناء تدريسهم ذلك المنهج أن يغادروا الفصل إلى ملاعب أو صالات رياضية مجهزة ليتدربوا ويمارسوا فيها المهارات الرياضية، عندما يحدث ذلك فأغلب الظن أن عقلاء الناس سوف (تضحك علينا) قائلة كيف يمكنكم بناء اجسام طلابكم واكسابهم اهم المهارات الحركية الجسمية دون أن يغادروا مقاعدهم.
أتوقع أن هؤلاء العقلاء أنفسهم وبنفس المنطق سوف يضحكون علينا وهم يروننا ندرس طلابنا المفاهيم والحقائق العلمية في مادة العلوم دون أن نأخذهم إلى المختبر المدرسي أو إلى رحلة علمية أو إلى متحف طبيعي.
نعود الآن إلى طلاب التربية البدنية لنقول إنه عندما لا يأخذ معلم التربية البدنية طلابه إلى الصالة الرياضية أو إلى الملعب تجد طلابه ينزعجون ويتذمرون لتشوقهم إلى الممارسة البدنية، لكن هؤلاء الطلاب أنفسهم لا يتذمرون ولا ينزعجون عندما لا يأخذهم معلم العلوم إلى المختبر، لكونهم لم يدركوا متعة وأهمية وفائدة تطبيق المفاهيم العلمية في المختبر، فالمختبر يحقق للطلاب متعة كما يحققها الملعب للطلاب.
كثير من المؤشرات البحثية المتوفرة لدينا عن تعليمنا للعلوم تقول إن مختبر العلوم هو الغائب الأكبر عن مدارسنا من حيث وجوده أو اكتمال تجهيزه، أو حتى استخدامه بفاعلية عندما يكون متوفراً. وعندما يغيب المختبر فلا مناص من لجوء المعلمين إلى تقديم حقائق ومفاهيم العلوم على شكل سرد نظري جاف وممل لا يسمن ولا يغني من جوع، عندئذ لا تنتظر قدوم علماء سعوديين.