ناصر الصِرامي
في ذاك «الخريف العربي» الذي خططت له الإدارة الأمريكية الديمقراطية السابقة ورئيسها أوباما. كانت الجارة «قطر» رأس الحربة، وفِي الصورة والمباهاة دائماً سياسياً وإعلامياً واقتصادياً، من تونس، مصر، ليبيا، ولكل الاحتمالات بما فيها دول الخليج العربي، بقيت الدوحة بأموالها وإعلامها محرضا وممولا لا يحتاج لإثبات!
الدور مشبوه والصورة غريبة ومضللة بجحافل الإسلاميين السياسيين وحساباتهم على شبكات التواصل، التي لا تتورع عن الكذب والتلفيق واستخدام أسوأ العبارات والتعليقات، كانت حفلة (زار) لم تتوقف بانتظار الجائزة الكبرى.
الأمر الوحيد المفهوم هو أن ذاك الدور أكبر من قطر الجارة الشقيقة، وأكبر من قدرتها على هذا التحريك الحثيث للفوضى في عالمنا العربي،كانت تشكل الممول والمكاتب الخلفية لما كانت تسميها قنواتها ووسائلها التابعة مباشرة أو غير مباشرة تخريفا وتحريفا بـ«الربيع العربي»، أو الثورات!
في غرفة الأخبار بـ»قناة العربية»، والتي كانت في المواجهة والخط الأمامي لكشف زيف الثورات ومؤامرات الإسلام السياسي، كانت «العربية» في قمة ألقها وتفوقها حينها، وكنت أقول ولا أزال- (لكم أن تتخيلوا لو لم تكن محطة العربية حينذاك حاضرة وبذات الفاعلية في مواجهة الإعلام القطري أو الممول من قطر؟!).
استطاعت «العربية» وقتها أن تقدم بمهارة وجهة نظر أقرب عن طبيعة ما يحدث وتكشف المشروع التخريبي لجماعات الإسلام السياسي وتآمرهم على أوطانهم، وهذا سبب كاف لثأر جماعات الإسلام السياسي، ثأر لا تنساه هذه الجماعة أبدا.
كنّا نتابع الإعلام القطرى بريبة لا تخطئ، تجاوز صراخ قناة الجزيرة أى عرف إعلامي، كانت مجرد تعبئة قصوى للمزيد من الفوضى عبر فرض تنظيم الاخوان العالمي بتاريخه الإرهابي، والذي يتخذ من الدوحة منطلقاً له إلى اليوم-، وإحكام قبضته على العالم العربي، وفي كل مرحلة كانت قطر تقدم وتمول لتغطية الصورة الكبرى !
فجأة تحولت من بلد خليجي شقيق، يشبهنا، إلى بلد يرعي الحقوق المطلقة والحريات الكاملة، والديمقراطية الصافية، بالنسبة لي لم تكن هذه إلا أجندة الحزب الديمقراطي لكن بمزيد من الاستخفاف والإسراف!
ولتفهم حقيقة الحالة القطرية اليوم، عليك أن تتصور كيف كانت قطر ستحقق،كما كانت تتخيل وتحلم-، لو تحقق حكم الإسلاميين السياسيين من حزب الإخوان ومن في فلكه، لهذه الدول العربية، كان الحلم الهش أن تكون قبلة وبوصلة سياسية للعالم العربي عبر هذا الحزب المكشوف والضال. بل وأبعد من ذلك حكم المنطقة، وحكم العالم العربي والإسلامي!
لكن حكمة العقلاء، والعمل المخلص المضاد لمشروع الفوضى، وصبر الملوك والشيوخ وواقعيتهم تمكنت من منع المقامرة بالمنطقة والصمود في وجه المزيد من الخراب والمزيد من الفوضى!
انتهت المغامرة، وبقيت هزاتها الارتجاعية إلى اليوم في ليبيا ومصر وتونس بنِسَب متفاوتة، بعد أن أنهكت اقتصادات وأرواحاً ولا تزال!
خرج صاحب «اللعبة» من البيت الأبيض بفشل ذريع في المنطقة، وبشعبية هي الأقل لرئيس أمريكي هنا، بعد ان وقع الاتفاق المكافأة مع إيران، جاء حزب آخر بأجندة جديدة وإدارة جديدة تعرف تماما أن البوصلة الأمريكية في المنطقة حان وقت تغيرها.
وللتصحيح الفوري، اختار الرئيس ترامب أن تكون أول زياراته الخارجية الى السعودية، التي وقفت في وجه الفوضى والإرهاب، جاء إلى الرياض لإعادة العلاقات الاستراتيجية والطبيعية مع الدولة الأهم في المنطقة والعالم العربي والإسلامي على الاطلاق.
أعدت الرياض لهذه الزيارة ما تستحق ونظمت قمماً إقليمية وعربية إسلامية وعالمية، كان ذلك هو الحدث الأبرز، صداه في عمق تنوع الاهتمام العالمي.
الرياض عاصمة القرار.. لم تدرك الدوحة أن المقامرة انتهت، وأن العالم تغير، وأن القوى المعتدلة والصادقة كسبت في النهاية، ولم تستوعب حجم خسائرها الكبيرة اقتصاديا وإعلاميا وسياسيا، قبل تقديم كشف حساب عن ما أحدثته بالدول العربية دون استثناء.
الآن يحتاج صاحب القرار في الدوحة لمن يذكره وجوقة الإخوان وجاليات الإعلام القطرى المنتشرة حول العالم .. يحتاجون لمن يذكرهم باستمرار... Game over ....!