رقية سليمان الهويريني
شاهدت كغيري قبل أيام قليلة لحظة إطلاق المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، إلا أن تدشين المركز تزامن مع لجة أحداث سياسية متتالية، لذا لم يجد الدعم الإعلامي الكافي لتوضيح رسالته وأهدافه برغم أهميته ودوره المرتقب بالمساهمة في دحض خطاب التطرف، وترسيخ مفاهيم الاعتدال عبر مواجهة الفكر بالفكر، والتصدي للفكر المنحرف.
ولن يحقق المركز هدفه ما لم يستخدم أسلوباً متطوراً في حوار ذوي الأفكار الضالة أو مواجهتهم بطرق حديثة، بدلاً من المنهج التقليدي لمحاربة الفكر الضال المعمول به في مركز المناصحة التابع لوزارة الداخلية الذي يستهدف الشخص المنحرف فكرياً ويتركز حوله ويتجاهل البيئة التي نشأ بها سواء المنزل أو الحي أو المدرسة أو الثقافة السائدة في المجتمع.
وإن كانت رؤية المركز العالمي لمكافحة التطرف هي تعزيز ثقافة الاعتدال الفكري؛ فإن ذلك يتطلب آليات متعددة بدءاً من المناهج الدراسية التي يتعلمها الطالب التي تحتاج مراجعة دائمة وخاصة ما يتعلق بمصطلح «كافر» وكيفية التعامل مع غير المسلم، والنظرة الدونية للمرأة وتبعيتها المطلقة للرجل، فضلاً عن حالة التشدد التي تتفشى في أوساط المعلمين والمعلمات والوعاظ وشيوع التطرف ببعضهم والمتمثل بعدم الرضا عن بعض الإجراءات الحكومية التي تدعو للتسامح ونبذ الكراهية لمن يخالفنا في المذهب أو الديانة.
ولكي يؤدي المركز دوره؛ فإنه يحسن مراجعة الخطاب الديني الصادر من لدن ثلة من المسيطرين على عقول الشباب والمشتمل على التطرف والتحريض خصوصاً في بعض المساجد وبخطب الجمعة على وجه التحديد، ويمكن وضع خط ساخن للمواطنين لتلقى ملاحظاتهم على تجاوزات خطباء المساجد، ومتابعته عبر لجنة مختصة من قبل المركز بشرط ألا يكون المتابِعون المختصون من المداهنين أو الشعبويين، حيث تذوب شكاوى كثيرة بسبب وصولها لمن يدفنها في مكتبه مما يعطي ارتياحاً للمتجاوزين.
وكي يكون الاعتدال واقعاً معاشاً ينعم به كافة المواطنين والوافدين؛ فإن الأمر يتطلب إشراك مختصين مهرة في الشأن الاجتماعي والنفسي والسياسي، والسعي لمعالجة القضايا الاجتماعية العالقة لأن بعض التطرف يأتي كردود فعل ذاتية أو مجتمعية مما يستوجب الحكمة والتروي في معالجتها.
راجية للمركز التوفيق والسداد في مهمته الثقيلة.