إن السير على خط التقدُّم العلمي في محيط نتائج الأبحاث العلمية يحدِّد مدى تقدُّم الأمم والشعوب؛ فمستقبل الدول والمجتمعات كان -وما زال- مرهونًا بسلوك الأفراد الذي لا يمكن أن ينعكس على نماء وتقدم كل أمة خارجيًّا وداخليًّا إلا بإحاطته بمزيد من الاهتمام والرعاية اللذين يخلقان التخطيط والابتكار والدقة في التنفيذ عند بناء الفرد المتعلم.
إنَّ معرفة مشكلات المجتمع التي تعيق السير في طريق التقدم تعمل على حفظ الهوية، وتؤكد عملية البحث عن المكانة المرموقة.. وهذا كله يسهم في العمل على مسايرة العصر، مع الحفاظ على الفكر الأساسي للأمة. وبهذا النهج يتم الشروع في محاولة منافسة المتقدمين.
ومن خلال التعرف على نتائج الأبحاث ذات الأهمية في المجال المعرفي يمكن القول إن طلاب المرحلة الابتدائية قادرون على ممارسة المهارة البحثية عن الأسباب والدوافع للأفعال، وهذا من شأنه أن يعمل على تدعيم فكرة التعزيز والتشجيع من خلال صياغة المناهج والمقررات للمرحلة الابتدائية؛ إذ إن هذا يعمل على تنمية روح البحث، ثم شرح الظواهر الحياتية لدى الأطفال؛ فالاهتمام بالمرحلة الابتدائية هو اللبنة الأولى لإعداد أجيال يمكن الاعتماد عليها في ظل تحديات هذا العصر.
عملية التعليم وخطوات التعلم لتحقيق بنى معرفية تعد عمليات شاملة لجميع مراحل العمر منذ الولادة؛ فمن الخطأ أن تستمر النظرة القديمة لها على أنها عملية إعداد للحياة فقط. إن هذا التصور لتلك العمليات يجعلنا أمام تحدٍّ كبير بأن نجعل الهدف من عملية التعليم المخطط لها هو الإنجاز والنجاح فيما تم إعداده في المقررات المدرسية، إلى أن نجعله الوصول إلى مهارات مكتسبة، تتجلى في ممارسات سلوكية، تتخذ البحث العلمي أساسًا وهدفًا لها من أجل تحقيق البناء المعرفي الشمولي المتكامل.
إنَّ العمل على أن يكون الطالب متعلمًا نشطًا؛ فيفكر ويعمل ويتوصل إلى المعرفة بنفسه، ثم يخطط لحل المشكلات التي يوضع في مواجهتها، ثم يعمل على إنجاز تلك الخطط.. يخلق لديه ما يسمى «ممارسة الاستقصاء العلمي» التي تؤكد أن دور الطالب يجب أن يكون فعالاً؛ فيستطيع التعامل مع جميع الأنشطة والمهارات التي تركز على البحث النشط والمعرفة والفهم لتلبية حب الاستطلاع، وهذا بدوره لا يمكن أن يحدث إلا بالعمليات العقلية التي تتمثل في الملاحظة والتصنيف والقياس والتنبؤ والوصف. وبهذا يجب أن تشكل تلك المهارات المحور الرئيس عند تعامل الطالب مع المقررات المدرسية؛ لذلك عملت وزارة التعليم على إعداد مقررات العلوم بشكل متطور؛ لكي تتضمن المهارات التي تعد مجالاً خصبًا لخلق الروح العلمية التي تعتمد على عملية البحث العلمي عند التعامل مع جميع المشاكل الحياتية التي تواجه الأجيال في مستقبل حياتهم.
فجعل المتعلم محور العملية التعليمية؛ ليمارس التعلم النشط بالتجربة والاستكشاف بشكل تعاوني مع زملائه الطلاب، يخلق بيئة تعاونية، هدفها التعرف على المشاكل الحياتية، ثم التغلب عليها بتقديم الحلول اعتمادًا على البرامج المقررة كعامل موجِّه ومساعد، وهذا - بدوره - يؤدي إلى تنمية طريقة التفكير العلمية لدى المتعلم. ومن الطرق التعليمية التي تسهم في خلق تلك الأهداف طريقة التعلُّم البنائي بجميع استراتيجياته المتنوعة التي تعتمد بشكل مباشر على المناقشة مع المعلِّم بشكل مستمر؛ فيصبح دور المعلم التوجيه إن لزم الأمر للوصول للأهداف المأمولة.
إن رسم الخطط العامة الواضحة التي تؤيد كل ما هو جديد، والداخلة ضمن السياسة التعليمية، يساعد المعلمين على تتبُّع وتفهُّم جميع استراتيجيات التعليم الحديثة التي تشجع الطالب على أن يكون هو صاحب الدور الفاعل في بناء المعرفة العلمية اعتمادًا على التعرف على المشكلات من البيئة ثم تقديم الحلول، واعتمادًا على إتقان المهارات التي تشجع على استخدام طريقة البحث العلمي لحل المشكلات.