فهد بن جليد
شهر مُبارك وتقبل الله من الجميع، في الثقافة السويدية يُقال «الذي يشتري ما ليس بحاجة إليه، يسرق نفسه» وهو ما ينطبق فعلاً على الكثير من رواد المولات والهايبرات الذين شكلوا حالة «هستيرية» مع نهاية هذا الأسبوع وبداية الشهر الفضيل، وكأنَّ عودة البدلات لمُرتبات قطاع كبير من الموظفين، مُبرر للصرف بسعادة - دون ضبط - في شراء مالا نحتاج من مُستلزمات الموائد الرمضانية، ومن يفكر أبعد من ذلك قد يكون خصص الصرف لتوفير مُستلزمات عيد الفطر مع تضارب مواعيد صرف راتب «برج السرطان» المُقرر في ثاني أيام العيد 26 جون المُقبل، وهذا في تقديري حالة نفسية تعويضية، يجب الانتباه لها، وكبح جماحها.
البدلات التي عادت إلى المرتبات يجب استثمارها والاستفادة منها بطريقة صحيحة، خصوصاً أنَّها خرجت من التزامات الأقساط الشهرية مع «إعادة الجدولة السابقة»، وبالتالي كل إنسان هو الأقدر والأجدر لتقدير المسألة وفق ظروفه الشخصية أكثر من المُحيطين به، والذين يقدمون عادة في مثل هذه المناسبات نصائح كثيرة، أرجو أن لا يكون ما أكتبه إحداها.
إذا لم تشتر حتى الآن «مقاضي رمضان» كما يُطلق عليها في ثقافتنا المحلية، أنصحك بالتريث قليلاً ولنخض التجربة معاً، أكمل اليوم، وغداً اليوم الثاني، ثم الثالث من الشهر الفضيل، بذات مكونات مائدتك السابقة قبل رمضان، وستجد أنَّ المسألة مقبولة مع مرور الأيام وتجاوزك الأسبوع الأول، وأن «ثقافة» تقديم أطعمة ومشروبات وموائد مُحددة على سفرة رمضان، مسألة مُرتبطة بالجانب النفسي أكثر من الاحتياج الغذائي، و يمكن التخلص منها بسهولة، وتعويد النفس على الأكل البسيط الذي لا يحتاج إلى إعلان حالات استنفار يعيشها عمال «توصيل الطلبات» من المحلات المجاورة، مروراً بالمطبخ في المنزل، وصولاً إلى مائدتك التي لن تتناول منها إلا لقيمات بسيطة..
كل الشعوب لديها ثقافات مُختلفة، وأطعمة مُحددة، في مناسبات مُعينة، ولكن ما نعيشه في شهر رمضان يتجاوز أي ثقافة إلى ما يُشبه التبذير عند الكثيرين، وهي مسألة مُزعجة ومُقلقة، يجب التخلص منها أو تهذيبها على الأقل لتتوافق مع المنطق والمقبول، في حالتين وطريقتين مُتناقضتين للتسوق، يعود الأصل فيها - برأيي- لمصدر المال ومدى استحقاقه، مما ينعكس على تلبيته لكل الاحتياجات والمُتطلبات.
تنوع وتعدد مكونات الإفطار على المائدة الرمضانية لا تعني بالضرورة الإشباع، فهي مثل المال الذي لا تضمن الكثرة «بركته».
وعلى دروب الخير نلتقي.