د. أحمد الفراج
كتبت كثيرًا، ومنذ سنوات طويلة، بأن الذراع الإعلامي بقطر، أي قناة الجزيرة، تم تأسيسها لتكون مصدرًا للفرقة والتشرذم، ولم أقتنع يوما بأنها منارة للرأي، بل كانت منبرًا لفلول القومجية، وأتباع تنظيمات الإسلام السياسي، ومن المفارقات أن هذه القناة، التي تبشر بالإسلاموية، هي أول قناة عربية تضع خارطة إسرائيل على شاشتها، وأول من استضاف مسؤولين إسرائيليين، وسياستها تشبه سياسة مالكيها، حيث التناقض، ودعم الشيء وضده في ذات اليوم، هذا خلاف الفبركات، خصوصا أيام الثورات العربية، التي كانت قطر هي الممول الرئيسي لها، والقرضاوي هو عرابها، والجزيرة هي وسيلتها المفضلة.
قبل يومين، رشحت تصريحات من أمير قطر، تم نفيها لاحقًا بحجة الاختراق، بشكل خجول وغير مهني، ولم تمر حكاية النفي المتذاكي على المتابع، ولم أستغرب تلك التصريحات، فقد كانت متطابقة مع سياسات قطر منذ وقت طويل، إذ تخصصت في التشويش والإرباك، وخرق الإجماع الخليجي والعربي، وإثارة القلاقل في البلاد العربية، ولنا فيما تفعله بمصر خير مثال، وهي تستضيف كل من تلفظه بلاده، من رجيع القومجية وتنظيمات الإسلام السياسي، إذ هي الداعم الرئيس، والمكان المفضل لقادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهي لسانهم ويدهم، ولا يمكن لعاقل أن يصدق قصة الاختراق المزعومة، ففي اليوم الذي اجتمعت فيه قيادات العالم الإسلامي مع الرئيس الأمريكي في الرياض، في مؤتمر تاريخي، نشرت إحدى المطبوعات الممولة من قطر مقالاً لوزير خارجية إيران، يقلل فيه من قيمة اجتماع الرياض، بل ويتهم المملكة بالإرهاب، وكان هذا تصعيدًا قطريًا، لا يجرؤ عليه إلا قطر، إذ إن محور اجتماع الرياض كان يتعلق بمواجهة إرهاب إيران وأطماعها التوسعية في المنطقة، وهذا غيض من فيض الاستفزازات القطرية لدول الخليج، ومثلما أن الحلم السعودي حاول تجاهل استفزازات الجار المشاكس طويلاً، فإن الحزم كان لهم بالمرصاد هذه المرة، فالحليم لا يمكن أن يظل حليماً إلى الأبد، وهذا ما سنتوسع فيه في مقال قادم.